أحمد بن فريد يكتب لـ(اليوم الثامن):
الحراك الجنوبي.. من فكر "الثورة" الى فكر "الدولة"!
في كل مرحلة من مراحل نضالات شعبنا الجنوبي الباسل يختط بتضحياته وصبره وعزيمته التي لا تلين ملامح جديدة تختلف في شكلها ومضمونها عما سبقها من مراحل , وهي في المجمل تبدو كعملية تراكمية لا يمكن لها الا أن تنتج كل هذه الأشكال المختلفة كنتيجة طبيعية لمسيرة تصاعدية ترتفع ويعلو شانها ولا تهبط او تنكسر .. ! مع علمنا أن الكثير من التجارب النضالية لشعوب أخرى سجلت في بعض مراحلها حالات انكسار كبيرة قادت بعضها الى نهايات مأساوية وكارثية , غير اننا في الجنوب – بفضل من الله – لم نسجل حتى الآن على الأقل اي مرحلة من مراحل الانسكار الخطيرة , على الرغم من كثرة المخططات التي حاولت ان تنال من هذه الثورة ومن هذا الحق المشروع .
يوم 4 مايو 2018 في تقديري الشخصي يعتبر يوما مميزا في تاريخ ثورتنا المشرفة , فهو يضع حدا فاصلا ما بين مرحلة كانت تقتضي على " القيادي " و " الثائر " الجنوبي أن يخرج الى الشارع ليمارس دوره النضالي بكل ما يعنيه ذلك من مخاطر التضحية والملاحقة والاعتقال والسجون والمحاكم , ومرحلة جديدة بات يمارس فيها هذا القيادي الذي كان ملاحقا طقوس رجل الدولة بكل طمأنية وراحة , بل ويزيد من طمأنينته وثقته بنفسه وجود قوات عسكرية رسمية توفر له الحماية وحتى هيبة الدولة .. اذا نحن هنا أمام مرحلة جديدة مختلفة من مراحل النضال من اجل الاستقلال وبناء الدولة الجنوبية المستقلة , مرحلة تقتضي علينا جميعا أن نتنبه جيدا الى طبيعتها وخصائصها وما تتطلبه من عمل نوعي وحالة من التعاون والتكاتف والسمو فوق كل الحسابات والاعتبارات الذاتية او المناطقية .
في يوم 4 مايو 2018 ... " مارست " ثورة الجنوب ولأول مرة " طقوس الدولة " , فحينما قام رئيس المجلس الانتقالي الجنوبي السيد / عيدروس الزبيدي في احتفالية مرور عام على اعلان عدن التاريخي بتنفيذ " بروتكول الدولة " على ما شاهدنا جميعا لم يكن ذلك نوعا من انواع " تعظيم الذات " على ما فسره بعض الخصوم وضيقي الأفق , وانما بقصد تدشين مرحلة جديدة من جهة , ولتوجيه رسالة هامة الى من يهمه الأمر من جهة اخرى تفيد بأن مسيرة الجنوب النضالية قد انتقلت من مرحلة الثورة الى مرحلة " بناء الدولة " على ما يعنيه ذلك من معاني سياسية هامة في هذه المرحلة تحديدا .. ومن وجهة نظري الشخصية , ان تلك البروتكولات لم تأتي ك" فكرة " طرأت في رأس أحدهم ذات يوم , وانما هي محصلة عمل سياسي مقصود ومدروس يتجاوز تفاعلات ثورتنا وتجلياتها الى ما هو ابعد من ذلك بكثير !!
اذا تبدو الصورة واضحة .. ونبدو اليوم اقرب الى هدفنا الوطني المنشود اكثر من اي يوم آخر , لكنني " هنا " اجده لزاما علي ان اكرر واعيد ما ذكرته اكثر من مرة , انه لا يفصلنا عن تحقيق حلمنا في دولة جنوبية مستقلة الا نحن الجنوبيين ! خاصة ونحن نشاهد – مع الاسف – نشؤ تكتلات جنوبية جديدة لا تلتقي مع اهداف ثورتنا الجنوبية ولو حتى في حدودها الدنيا , وعلى الرغم من انني على يقين تام بأن من يقف ضد ارادة الشعب لن يكتب له الا الخسارة والخذلان في نهاية المطاف , لكننا نعيب على بعض الزملاء ان يتحولوا بلا سبب مقنع الى مجرد " ادوت " في ايدي من لا يريد لهذا الجنوب الحر الا ان يبقى تحت هيمنة ووصاية " صنعاء " .. !
ايها السادة .. الجنوب للجميع .. تذكروا هذا جيدا , وتذكروا ان جنوب المستقبل لن يكون نسخة لما مضى من تاريخنا التعيس ابدا .. الجنوب يحتاجنا اليوم اكثر من اي وقت مضى , ويحتاج الى تلاحمنا وتكاتفنا , والى أن نكون بحجم تضحيات الشهداء وبقية الأبطال من الجرحى .. فهل من مدرك لهذه الضرورة الوطنية ؟!!
أحمد عمر بن فريد