مشاري الذايدي يكتب:
هل هناك موقف عربي «أصلاً» تجاه إيران؟
الضربة الكبرى للرئيس الأميركي دونالد ترمب بالانسحاب من الاتفاق «السيئ» مع النظام الإيراني، أصابت جهات عدة في العالم بالصدمة وأدارت الرؤوس.
راهن الأوروبيون على اللعب على شخصية ترمب، والتأثير ببعض اللمسات الخاصة، مثلما فعل ماكرون الفرنسي في تودداته، وحاولت الألمانية ميركل الضغط على ترمب، وغيرهما فعل، لكن الرجل أهمل كل كلام الأوروبيين، كان قد أمهلهم من قبل وقتاً للضغط على الإيرانيين من أجل «تعديل» هذا الاتفاق المدمر، الذي يتفاخر به أوباما، وشبكاته العالمية، وجوهر التعديل الذي طلبه ترمب هو: إنهاء برنامج الصواريخ الباليستية، وإيقاف التدخلات الإيرانية الشريرة بمنطقة الشرق الأوسط. لم يفعل الأوروبيون شيئاً، أما لماذا «يستقتل» الأوروبيون على صون الاتفاق الإيراني؟ فحديث آخر.
اليوم أريد التعليق على الموقف العربي، إن كان يصحّ الحديث عن موقف عربي، هكذا بالإطلاق، تجاه الانسحاب الأميركي الهائل من الاتفاق الإيراني.
بالنسبة للسعودية والإمارات والبحرين، القصة واضحة، خطوة ترمب ممتازة وليس له منهم إلا التأييد، لأسباب تخص نظرة هذه الدول لطبيعة الخطر الإيراني، الذي أهمله قادة الدول التي وقّعت الاتفاق مع إيران، دون أي حضور عربي صيف 2015.
لكن ماذا عن بقية العرب؟
لدينا الموقف المصري، الذي عبّر عنه بيان الخارجية المصرية، لفتني فيه هذه الفقرة: «وتؤكد مصر على أهمية مشاركة الأطراف العربية المعنية في أي حوار حول مستقبل الأوضاع في المنطقة، وبصفة خاصة المرتبط باحتمالات تعديل الاتفاق النووي مع إيران».
ممتاز، لكن هل يشمل هذا الطلب حضور لبنان، والعراق، وسوريا، مثلاً؟
حسناً، هذه الدول، أو للدقة السلطات الحاكمة «الفعلية» لها، منحازة لإيران، بدرجات مختلفة، فكيف يمكن الحديث عن موقف عربي واحد إذن؟
لدينا الموقف الكويتي، المعبّر عنه أيضاً ببيان الخارجية الكويتية، وهو موقف «متوسط» لا هو بالمساند القوي لخطوة ترمب ولا هو بالمعارض الواضح... جاء في نصه بعد سوق مبررات الكويت لمساندة الاتفاق من قبل: «تحترم (الكويت) وتتفهم انسحاب أميركا». أما قطر التي تحتضن القواعد الأميركية العسكرية، وفي الوقت نفسه تتمتع بعلاقات ممتازة مع إيران، وبخاصة بعد مقاطعة الرباعية العربية لها، فهي في حيص بيص. جاء في بيان خارجيتها حول الخطوة الأميركية: «من مصلحة جميع الأطراف ضبط النفس والتعامل بحكمة وأناة مع الموقف ومحاولة تسوية الخلافات القائمة من خلال الحوار».
لا ندري ما المقصود هنا بالحكمة و«الأناة» المطلوبة!
صفوة القول، لا يوجد شيء اسمه موقف عربي موحد، بل يوجد مصالح عربية متعددة... وربما متناقضة، هذا هو الحال، أحببته أم لا.