فاروق يوسف يكتب:

التضليل عن طريق الفن

ما الذي يحدث للفن في العالم العربي؟ أعتقد أن هناك عملية خداع كبيرة تمارسها أسواق الفن الموسمية حين تقوم بين حين وآخر بعرض أعمال لفنانين راحلين. استعراضات بائسة لا تنطوي على أي قدر من الذكاء المهني، فالفن في العالم العربي لا تنقذه من حالة الإهمال التي هو فيها محاولات لاستحضار الماضي.

أنا على يقين من أن المؤسسة الفنية التي تنفق على تلك المحاولات هي الأخرى ضحية لعملية الخداع تلك، غير أن المؤلم في الأمر أن الفنانين صامتون، وهو صمت مضلل لا يقول الحقيقة، ذلك لأنه يعبر عن رغبة انتهازية في عدم إغضاب المؤسسات، ألأنهم يعتقدون أن تلك المؤسسات ستلتفت إليهم يوما ما أم لأنهم لا يشعرون بجدوى أن يقولوا كلمتهم لأنها لن تصل وإن وصلت فإنها لن تؤثر؟

ما لا ينكره المرء أن هناك حالة من اليأس والإحباط قد أطبقت على الكثيرين بعد أن صاروا على يقين من أن شيئا حسنا لن يقع، في ظل هيمنة منسقين تدربوا على التعامل مع الفن من جهة كونه نوعا من التفاعل الاجتماعي ذي الطابع المؤقت، لذلك صارت التظاهرات الفنية تعتمد كثيرا على عناوين هي أشبه بالمفرقعات التي لا تنطوي على حقائق ثابتة وراسخة يمكن البناء عليها.

صارت التظاهرات الفنية أشبه بالاحتفالات التي يتم من خلالها تكريس المفاهيم المواربة التي لا تقول شيئا بعينه، وليس لها صلة أصلا بواقع الفن في العالم العربي.

لقد تم احتكار الملتقيات الفنية من قبل حفنة من المسوّقين الذين هم في حقيقتهم باعة جمل فضائية، تتبخر قبل أن يحاول المرء التعرّف عليها، فهي مجرد جمل ذهنية تعبر عن رغبة في التعالي الذي يفضح جهل ممارسيه.

ولهذا يمكنني القول وبكل ثقة إن ما نشهده من تظاهرات فنية رثة مسبوقة بكلام يبدو في ظاهره فلسفيا، ليس سوى مجموعة من المسرحيات الهزلية التي لا تضحك الجمهور بقدر ما تعبر عن رغبة ممثليها في الضحك على ذلك الجمهور.