جولة روحاني
عن الحوار العربي الإيراني
د. عيدروس نصر ناصر
زيارة الرئيس الإيراني حسن روحاني إلى كل من سلطنة عمان ودولة الكويت تأتي (كما يقول الإعلام الموالي لإيران) من أجل فتح أبواب الحوار العربي الإيراني، وقبلها تكرر على ألسنة الكثير من المسؤولين الإيرانيين، بما فيهم روحاني ووزير خارجيته، محمد جواد ظريف الحديث عن التعاون والحوار العربي الإيراني وقال ظريف أكثر من مرة وعلى أكثر من منبر أنه لا يرى مبررا للخصومة العربية الإيرانية، وخص ظريف بحديثه مراراً المملكة العربية السعودية.
من يسمع هذا الكلام يعتقد أن الدول العربية هي من يتطاول على إيران وهي من يرسل مليشياتها للقيام بأعمال العدوان والتخريب، وهي من يصعد لهجة التحدي مع إيران المسالمة الوديعة الطيبة، ومن لا يعرف الكثير من تفاصيل العلاقات العربية الإيرانية لا بد أن يشعر بالحسد والغيرة تجاه العرب على هذا الجار الودود المهذب والمتعاون إلى أقصى الحدود.
لكن نظرة عاجلة فقط على ملف العلاقات الإيرانية العربية، وممارسات أنصار إيران وجيوبها، الخفية والمعلنة، لا بد أن يكتشف أن إيران لم تدع قطرا عربيا واحدا إلا ودست أنفها وأنوف مستزرعيها في شؤونه، من لبنان والعراق وسوريا إلى اليمن والسعودية والكويت والبحرين، ومن الإمارات العربية المتحدة إلى مصر والسودان وغيرها من دول الشمال الأفريقي.
إيران لا تنشغل بتشييع مواطني البلدان العربية، لأن موضوع المعتقد والمذهب الديني هو موضوع يخص كل فرد، وهذه وجهة نظر شخصية للكاتب، لكن إيران تزرع الجيوب الطائفية والمذهبية لتتخذ منها متكأ للحديث لاحقا عن أقلية دينية مضطهدة ومن ثم الشروع في التدخل بمختلف أشكاله في شؤون هذه الدول، وما تجربة اليمن والحوثيين والطائفة الشيعية في البحرين وحزب الله في لبنان إلا أدلة صارخة وصريحة على هذا النهج التوسعي الإمبراطوري الذي يسعى الساسة الإيرانيون من خلاله لاستعادة أمجاد كسرى في زمن انطوى فيه عصر الامبراطوريات والأكاسرة.
يعمل الإيرانيون، بأجندتين متنافضتين، واحدة منها عبر الكلام المغلف بالعسل والمملوء بحشوات اللطف والمجاملة والعبارات المخملية، وهذه مهمة يتولاها الرئيس روحاني ووزير خارجيته ظريف وغيرهم من العاملين في العلاقات العامة الخارجية، والأجندة الثانية (وهي الأجندة الفعلية والجادة لقادة إيران) وهي تصدير الثورة الخمينية عبر المليشيات والجماعات المسلحة وفر ق التخريب ونقل الألغام والمتفجرات والاتجار بالممنوعات وتزوير الهويات والوثائق الشخصية، وتهريب البشر وغسيل الأموال وهذه كلها مهمات مباشرة للحرس الثوري وجناحه الخارجي فيلق القدس بقيادة الجنرال قاسم سليماني، وهذا الفريق هو الحاكم الفعلي في إيران والمتحكم في صناعة السياسات ورسم الاستراتيجيات وتحديد الأهداف القريبة والبعيدة لرؤية إيران للعالم وللمحيط الإقليمي من حولها.
لقد نالت اليمن شمالها وجنوبها من السخاء الإيراني ما نالت، من تدمير المدن وقتل النساء والأطفال والاعتداء على المقدسات وتعطيل التنمية (الضعيفة في الأساس) ونهب الاحتياطي النقدي (الذي هو ملك الوطن والمواطن) وغيرها من مظاهر الدمار والعدوان، ويكفي أن أكثر من ربع مليون لغم تنتشر في محيط المدن اليمنية في عدن ولحج وأبين وتعز ومأرب والجوف وفي كل بقعة وصل إليها تلاميذ إيران، وكل ذلك ليس الإ جزء من هدية إيران للشعب اليمني على سبيل الحوار الذي يسعى إليه حكام إيران.
________________
* من صفحة الكاتب على شبكة التواصل الاجتماعي فيس بوك