د. علوي عمر بن فريد يكتب:

هل ما زال اليمنيون أسرى لماضيهم ؟؟

لم يرتهن شعب من شعوب العالم أو ارتضى لنفسه أن يظل حبيس جدران التاريخ وأزمانه السحيقة وأطلاله المتداعية كالشعب اليمني ..بل ولا زال يجتر ماضيه التليد وحضارته التي سادت ثم بادت !!

هذا الشعب العريق الذي جارت عليه عصابة ضالة قبل أن يجور عليه الزمن حتى وصل به الحال إلى ما وصل إليه من الدمار والخراب فأضاع الماضي ودمر الحاضر والمستقبل !!
ويصارع اليوم أقداره ليخرج من المهاوي السحيقة التي رمى نفسه فيها ..!!
وأصبح اليمن اليوم في ظل هذه الحروب المستعرة التي لم تخمد أوارها ولهيبها منذ خمسين عاما وحتى اليوم..لا زلنا نكرس فشلنا وعجزنا دون حتى محاولة النهوض من مستنقع تلك الحروب وأنهار الدماء ..ونختلق المبررات والحجج البائسة لفشلنا.. وإذا انتقدنا احد نستجر تاريخنا القديم وأمجاده وحضارته التي سادت في العصور القديمة كمبرر لفشلنا ونردد بزهو وتفاخر أننا صناع الحضارة.. وبناة سد مأرب وقصر غمدان وفرسان الحرب.. ورواد تجارة العالم القديم..وحالنا اليوم كالتاجر المفلس الذي يبحث في دفاتره ولا يجد إلا الديون المعدومة!!
 
ونظل نردد أننا ملوك العرب ..ومنا غسان ملوك الشام ..والمناذرة ملوك العراق.. ومنا فرسان الإسلام والجاهلية ..مثل سيف بن ذي يزن.. والتتابعة والأقيال ..وصاحب الصمصامة عمرو بن معدي كرب.. وأنصار الرسول الأوس والخزرج.. وقادة الفتوحات والأمصار.. وان الإيمان يمان والحكمة يمانيه.. ونجلد أنفسنا كل يوم لنستر عوراتنا وعجزنا مما يجري في بلادنا من حرب ودمار فيما بيننا.. ونتغنى بتلك الأمجاد كمن يحاول حجب شعاع شمس الحقيقة بيده.. ولازلنا أسرى الماضي وأحلامه حتى نخفي كوابيسنا وصراعاتنا ضد بعضنا البعض !!
 
أين نحن اليوم من الحضارة اليمنية القديمة ومما يجري اليوم؟ ونحن نسرق آثارها ونبيعها وننهبها وندمرها؟
أين الرقي والسلوك الحضاري الذي خلفه لنا أجدادنا ؟
أين الحكمة وأين الإيمان مما يجري اليوم من مذابح وحروب أهليه في بلادنا؟
بل أين الإسلام الذي ناصره أجدادنا وبذلوا الأرواح والمهج ونشروه في أصقاع الدنيا..؟ أين التسامح في الإسلام مما يجري بيننا اليوم من حروب وفتن ؟ وهل هذا هو الإسلام الذي أوصونا التمسك به؟؟
 
لقد دمرنا ديارنا وآذينا جيراننا.. وارتضت فئات محسوبة علينا أن تكون مطية للفرس.. ومن أجل ماذا..؟ أمن أجل أن يتحكموا في رقابنا وبلادنا؟
أم ليجعلوا منا مخلبا مدفوع الأجر للتأمر على أشقائنا العرب ؟
ولماذا يسير البعض منا خلف مواكب الحوثي ودعواته المضللة ؟
ولماذا يصر الحوثيون على تدمير اليمن واحتكار الحكم فيه بحجة السلالة وأنهم وحدهم أصحاب الحق الإلهي لحكم اليمن؟
هل لأن هؤلاء أحق من غيرهم بحكم البلاد والعباد دون سائر اليمنيين ؟
لقد كثر اليوم من يدعون أنهم من آل البيت.. وان لهم الحق الإلهي بحكم النسب من غيرهم بينما يقول الحق في محكم التنزيل:
(( ما كان محمد أبا أحد من رجالكم ولكن رسول الله وخاتم النبيين وكان الله بكل شيء عليما ))
ولم يجعل الرسول (ص) أحد من أهل بيته أن يرثه في الدين والدنيا..!!
ولم يوصي بالخلافة من بعده للإمام علي ..بل ترك الأمر لصاحبه الصديق أن يصلي بالناس .
ولم يذكر الله في القرآن نساء النبي أو بناته ولا أحدا من أقاربه إلا عمه أبي لهب الذي وعده بدخول النار !!
ولم يذكر أبا جهل وهو رأس الكفر!!
أعطى الرسول مفتاح الكعبة لعثمان بن طلحه بن شيبه عند فتح مكة ولم يسلمه أو يختص به بني هاشم !!
وأمر أسامه بن زيد على جيش إلى الشام وسنه آنذاك ثماني عشرة سنه !!
ومشى كبار الصحابة لوداعه إلى خارج المدينة وهو راكب جواده..
فأين هؤلاء الذين يدعون الوراثة بحكم السلالة؟
وأين هؤلاء الذين يطعنون اليوم بسيوف آل البيت و الأنصار كذبا وزورا؟
أفيقوا من سباتكم يا أهل اليمن وعودوا إلى رشدكم وانظروا إلى ما آلت إليه بلادكم ؟ وكفوا عن التغني بتاريخ أسلافكم .. الذين سطروا أنصع صفحات التاريخ !!
 
وأسالوا أنفسكم ماذا قدمتم أنتم لوطنكم وأمتكم؟؟
ومن صدق منكم سيقول كلمة الحق !!
*- باحث ومؤرخ