صلاح السقلدي يكتب:
علاقة السعودية بإخوان اليمن… مصالح وتناقض
تشّـنُ وسائل الإعلام السعودية بين الحين والآخر هجوماً إعلاميا ضارياً على حزب الإصلاح اليمني” إخوان اليمن” برغم الشراكة التي تربطهما بالحرب الدائرة باليمن منذ أكثر من ثلاثة أعوام والتي تقوم بها السعودية والإمارات,في تناقض صارخ للمواقف السعودية حيال هذا الحزب.. ففي الوقت الذي تصنِّف الرياض حركة الإخوان المسلمين الدولية الذي ينتمي لها حزب الإصلاح اليمني انتماءً فكريا بحركة إرهابية دولية فأنها أي الرياض تتعامل مع هذا الحزب على أرفع المستويات وأبعدها بما فيها التعامل والتحالف السياسي والعسكري وتقديمها له السلاح بمختلف أنوعه بما فيه السلاح الثقيل ناهيك عن الأموال الطائلة واحتضان كبار قادته بفنادقها الوثيرة واستقبالهم بالقصور الملَــكية وإغداق عليهم بكل أنواع الدعم فأنها لا تنفك أن تنهال عليه بأخطر التهم وتنعته بأشنع عبارات الذم والإزداء.
في الفترات السابقة عادة ما كان يتم مثل هكذا هجوم لغرض التغطية على المستوى الرفيع الذي بلغه التعاون بينهما والدعم السعودي لهذا الحزب, وهوالدعم الذي كان يضع المملكة أمام شركائها بموقف المتناقض والمحرج , حيث كانت تبدو فيه بالداعمة لجماعة لطالما تصفها بالإرهابية, كما أن ذلك الدعم كان يضع المملكة في نظر حلفائها بالداخل اليمني وبالذات الجنوبيين بالموقف المتحيز لطرف لم يقدم بهذه الحرب شيئا للتحالف قياسيا بما قدمه الجنوب للتحالف السعودي الإمارتي منذ بداية الحرب, في وقت لم يتلق الجنوب دعما مماثلا لا سياسيا ولا عسكريا كالذي يتلقاه الحزب الإخواني,وهو أي الجنوب الذي قدّم تضحيات كبيرة من أبناءه في حرب لم تمنحهم فيه غير الموت بالمجان وخسران سياسي مبين, كما أن هذا الدعم يوجه لجماعة تناصب الجنوب الخصومة الصريحة.. وبالتالي كان كل هجوم سعودي من هذا القبيل يتم من باب دفع الحرج والتهمة عن المملكة ومحاولة بعث رسائل تطمين لخصوم هذا الحزب داخل اليمن من الجنوبيين ومن الشماليين أيضا وبالذات القوى المنسلخة عن المؤتمر الشعبي العام” حزب الرئيس السابق صالح” والملتحقة مؤخرا بركب التحالف السعودي الإماراتي.
ولكن ما يميّــز الهجوم الإعلامي بالآونة الأخيرة أنه يحمل في طيّــه عبارات شديدة القسوة والمهانة ,مما يعني أن الرياض قد غسلت يدها من محاولة استمالة مواقف هذا الحزب وسحبه من المربع القطري التركي الإخواني خصوصا مع احتدام الخلاف مع قطر في غمرة الأزمة الخليجية المستعصية منذ أكثر من عام, كما تتوجس منه خيفة من أن يظل اليد القطرية الطولى باليمن.
آخر هجوم إعلامي تعرض له الإصلاح كان قد ورد على لسان أكبر الصحف ” الرياض” يوم الخميس 21 حزيران يونيو الجاري” على شكل مقالة لأحد كتابها البارزين, بعنوان ” إخوان اليمن والتكتيكات الخبيثة للركوب على معركة تحرير الحديد حمَلَ فيه بشدة على الحزب ووجه له أوامر وتوجيهات سياسية متعجرفة بعد إصدار هذا الأخير بيانا دعا فيه أنصاره لمؤازرة التحالف بمعركة الحديدة, حيث أعتبر صاحب المقالة هذه الدعوة محاولة إخوانية للسعى لإيجاد موطئ قدم على الخارطة السياسية لليمن في فترة ما بعد الحوثي، محذراً من السقوط في فخ التكتيكات الإخوانية واصفاً هذه المحاولة بالخبيثة ولركوب الموجة قائلاً: ((هذا التعامل «الخبيث» للتنظيم الإخواني يكشف محاولة الركوب على التضحيات الجسام التي تم تقديمها لتحرير المدينة من قبضة ميليشيا الحوثي الإيرانية، رغم محاولة التنظيم الإيحاء أن النداء هو توجيه لجميع أعضاء التنظيم وأجنحته العسكرية في جميع ربوع اليمن)).
مع اختلافنا مع كثير من مواقف حزب الاصلاح الانتهازية وخطاباته الديماغوجية في كل المراحل, إلا أن مثل هذه اللغة السعودية الاستعلائية تجعلنا نشبك عشرنا على رؤوسنا مصعوقين من هول هكذا غطرسة ونستهجنها بشدة. فكيف يكون سعي حزب يمني الى البحث له عن موطئ قدم بالتسوية السياسية في بلاده جريمة, في وقت تسرَحُ فيه السعودية وتمرَح بقواتها في اليمن وتتصرف وكأنها الآمر الناهي فيه وتوزع توجيهاتها الصارمة يُمنة ويُـــسرة على الجميع,وكأن أصحاب الأرض دخلاء في أرضهم, وزوائد دودية يجب استئصالها؟.
مثل هذه المقالات لا تعبّــر عن أصاحبها فقط بل عن الموقف الرسمي السعودي بدرجة أساسية, ولا تعبر بأي حالٍ من الأحول عن كابتها في إطار التعبير عن الرأي المحـــرّم, في بلد يعاقب فيه 15سنة سجن كل مَــنْ يكتب تغريده” تنتقد السلطات الحاكمة ولو نقدا مبطنا, وكل مَـنْ يضع علامة” like “,بمنشور أحدهم.!
وكما قلنا سلفاً بأن الخطاب الإعلامي والسياسي السعودي يتملكه الشيء الكثير من التناقض والتخبُّــط, فلم تُــمرُّ سوى بضع ساعات على نشر تلك المقالة حتى سارعت الصحيفة” الرياض” لتسجيل اعتذارها الشديد لحزب الإصلاح عما وصفته بالإساءة .!