فاروق يوسف يكتب:

خامنئي وروحاني في سلة واحدة

محمود احمدي نجاد هناك في الماضي وحسن روحاني هنا في الحاضر. الأول محافظ متشدد والثاني إصلاحي منفتح. في المحصلة النهائية فإن الرجلين، المحافظ والاصلاحي يؤمنان بخط الإمام. الخميني هو ذلك الامام.

يكذب مَن يقول "إن خميني لا يحكم إيران من قبره".

إيران في ظل نظام الملالي هي جمهورية الموتى المنتخبين ديمقراطيا ولا يزال حكمهم شورى بينهم.

الولي الفقيه وهو خامنئي يمكنه أن يكون حكما عادلا بين ولديه احمدي نجاد وروحاني. المتشدد يرتدي بدلة يؤكد من خلالها اناقته الرثة فيما يضع الإصلاحي على رأسه عمامة بيضاء. وهي مفارقة ساخرة لا تحدث إلا في إيران.

احمدي نجاد الذي يكره روحاني كان هو الآخر رئيسا منتخبا مثلما كانت الحال لإصلاحي آخر هو محمد خاتمي. كل ذلك يحدث في بلد يحتقر وليه الفقيه وهو أصل ومصدر كل السلطات الديمقراطية الغربية.

ما يُسمى بالانتخابات في إيران انما هو تعبير عن طريقة في إدارة البيت من الداخل. المايسترو الذي هو الولي الفقيه يوزع الأصوات بين أفراد فرقته الموسيقية. هناك الأصوات المرتفعة وهناك الأصوات الخفيضة. هناك مَن لا يتسع وقته لكي يقول كل شيء وهناك من يضيق وقته حتى يعجز عن قول شيء واحد بعينه.

لا المتشدد احمدي نجاد أدار دولة، ابتلعها الحرس الثوري الذي كان عضوا فيه قبل أن يصبح رئيسا ولا روحاني قادر على أن يفهم ما الذي يقع لبلاده التي استجابت لسحر الاتفاق النووي فإذا بها تقع ضحية دفع مستحقاته قبل أن تقع قدماها على أرض الإمبراطورية. 

كانت لعبة المحافظين والاصلاحيين كئيبة هي الأخرى.

فهي إضافة إلى ما تنطوي عليه من كذب صريح حيث يضطرب الدوران فيصبح الإصلاحي محافظا ويحدث العكس أيضا لا تخفي استخفافها بمصير الشعب الإيراني الذي يتوق إلى الحرية والعدالة الاجتماعية والعيش النزيه خارج خيمة الولي الفقيه.

كان واضحا من خلال الخلافات الرسمية بين الفريقين أن الإيرانيين يقفون خارج تلك اللعبة. إنهم متفرجون غير أنهم في الوقت نفسه دعاة تغيير شرسون إذا ما أتيح لهم الأمر في إطار ثوابت وطنية لا علاقة لها بالموقف من النظام.

الإيرانيون يدركون أن العملية السياسية التي يديرها النظام في بلادهم هي مكيدة لا يزال خميني في قبره يمسك بخيوطها الأساسية ويحرك عن طريقها دماه التي تسبح بحمده.       

لذلك فإنهم يضعون كل منتجات النظام في سلة نفايات واحدة. الإصلاحي كما المحافظ. بالنسبة لهم لا فرق بين احمدي نجاد وروحاني. فالمعمل الذي أنتج شريرا رثا مثل احمدي نجاد هو نفسه الذي أنتج تمثال شمع منخفض القيمة مثل روحاني.

لم يتقدم الإصلاحيون بإيران خطوة خارج غابة الوحوش الخمينية. الإصلاحيون هم أيضا من نتاج المخيلة الخمينية.

ما صار الإيرانيون على يقين منه أن الحل الجذري لن يأتي من داخل النظام.

في وقت قريب سيكون نظام الملالي عاجزا عن توفير المال الكافي للاستمرار في انتاج أسلحة الدمار الشامل إضافة إلى أنه لن يكون قادرا على تمويل ميليشياته التي هي أذرعه الممتدة في المنطقة. وهما ركيزتا وجوده اللتان تمدانه بأسباب القوة كما يخيل إليه.

فإذا ما كان ذلك النظام عاجزا عن حل مشكلاته الوجودية فهل سيكون في إمكانه أن يتصدى للمشكلات الاقتصادية التي يواجهها الشعب الإيراني التي قد لا تقف عند انهيار العملة؟

لا بد من القبول بمنطق خلو جعبة نظام الولي الفقيه من الحلول التي يمكن أن تشكل عصا سحرية يستعملها الإصلاحيون كما المتشددون في محو أسباب الثورة الشعبية التي بدأت ملامحها واضحة من خلال الاحتجاجات التي اجتاحت البازار والذي كان إلى وقت قريب مصدر اطمئنان لا مصدر تهديد.

ما يحدث اليوم في إيران يكشف عن أن الإيرانيين باتوا على يقين كامل من أن وعد التغيير من داخل النظام هو مجرد سراب، كان روحاني باعتباره اصلاحيا حسب التصنيف الرسمي واحدا من أهم صناعه، غير أن ذلك السراب في حقيقته هو صناعة خامنئية خالصة. وهو ما عبر عنه الشعب الإيراني بهتافه المزدوج "الموت لخامنئي. الموت لروحاني".