سمير عطا الله يكتب:
الزعيم والإنسان: موحد ألمانيا... مفكك العائلة
غاب موحد ألمانيا الحديثة هيلموت كول عن 87 عاماً في يونيو (حزيران) 2017. إلا أن جنازته لم تقم في برلين، المدينة التي وحد شطريها بعدما قسمتها الهزيمة في الحرب العالمية الثانية، وإنما في مدينة ستراسبورغ، المقر البرلماني للوحدة الأوروبية.
قيل في تبرير ذلك إن أوروبا كلها أرادت الاحتفاء بمساهمة المستشار الراحل. وهي ذريعة معقولة جداً، لكنها غير صحيحة على الإطلاق. فقد أراد كول أن يتجنب وداع خصومه، وأولهم المستشارة أنجيلا ميركل، «الفتاة المجهولة التي اكتشفها» ثم تخلّت عنه. والخصم الثاني هو الرئيس الألماني شتاينماير، الذي أمر بإجراء تحقيقات في تهم إساءة ائتمان وجهت إلى المستشار، يوم كان أهم زعيم سياسي.
ومَن أيضاً كان يريد كول أن يتفادى عندما أوصى بالجنازة في أرض فرنسية (دفن بعدها في أرض ألمانية)؟ أجل: ابناه من زوجته الأولى، هانيلور. وماذا حل بالسيدة هانيلور؟ المأساة تطوق حياة المستشار منذ زمن. فقد أصيبت هانيلور بمرض يمنعها من رؤية النور. ولما لم تعد تطيق حياتها المزرية، أقدمت على الانتحار. وبعد وفاتها بقليل تزوج من خبيرة مالية حسناء تدعى مايكي كول - ريشتر، تصغره بـ34 عاماً، فيما كان هو قد بلغ الخامسة والسبعين ويعالج من آثار سقطة حادة.
قرر الابنان مخاصمة الأب. وقال رئيس البرلمان الألماني نوربرت لامبرت في رثائه إن «حياة كول كانت مليئة بالندوب: تلك التي أصيب بها، وتلك التي ألحقها بالآخرين». وإذ دخل التاريخ بطلاً للوحدة الألمانية والأوروبية، دخله من الباب الآخر رمزاً للعائلة المفككة والنكايات السياسية الصغيرة.
ولست أدري لماذا هناك غالباً مسحة درامية في حياة المستشارين الألمان. اثنان منهم، فيلي برانت وهيلموت شميت كانا لقيطين. وشقيق المستشار غيرترود شرويدر كان مشرداً، وقد وضع كتاباً عن حياته بين الذين لا مأوى لهم. وعندما كان كول في زعامة أوروبا كان من البساطة بحيث لم يكن يعني له شيئاً أن تعيش زوجته من وضع كتب الطبخ. والألمان الذين قادوا العالم في الفلسفة والموسيقى والحروب، ساروا خلف العريف السابق أدولف هتلر في القتال. ثم ساروا خلف سائق التاكسي يوشكا فيشر في الحرب على فساد البيئة، ثم نقلوه من موقف تاكسي في برلين إلى وزارة الخارجية الاتحادية خلفاً لرجال مثل أديناور وفالتر شيل. وعندما ترك الخارجية وزيراً، أصبح أحد أبرز الكتّاب السياسيين في أوروبا.
إلى اللقاء..
قيل في تبرير ذلك إن أوروبا كلها أرادت الاحتفاء بمساهمة المستشار الراحل. وهي ذريعة معقولة جداً، لكنها غير صحيحة على الإطلاق. فقد أراد كول أن يتجنب وداع خصومه، وأولهم المستشارة أنجيلا ميركل، «الفتاة المجهولة التي اكتشفها» ثم تخلّت عنه. والخصم الثاني هو الرئيس الألماني شتاينماير، الذي أمر بإجراء تحقيقات في تهم إساءة ائتمان وجهت إلى المستشار، يوم كان أهم زعيم سياسي.
ومَن أيضاً كان يريد كول أن يتفادى عندما أوصى بالجنازة في أرض فرنسية (دفن بعدها في أرض ألمانية)؟ أجل: ابناه من زوجته الأولى، هانيلور. وماذا حل بالسيدة هانيلور؟ المأساة تطوق حياة المستشار منذ زمن. فقد أصيبت هانيلور بمرض يمنعها من رؤية النور. ولما لم تعد تطيق حياتها المزرية، أقدمت على الانتحار. وبعد وفاتها بقليل تزوج من خبيرة مالية حسناء تدعى مايكي كول - ريشتر، تصغره بـ34 عاماً، فيما كان هو قد بلغ الخامسة والسبعين ويعالج من آثار سقطة حادة.
قرر الابنان مخاصمة الأب. وقال رئيس البرلمان الألماني نوربرت لامبرت في رثائه إن «حياة كول كانت مليئة بالندوب: تلك التي أصيب بها، وتلك التي ألحقها بالآخرين». وإذ دخل التاريخ بطلاً للوحدة الألمانية والأوروبية، دخله من الباب الآخر رمزاً للعائلة المفككة والنكايات السياسية الصغيرة.
ولست أدري لماذا هناك غالباً مسحة درامية في حياة المستشارين الألمان. اثنان منهم، فيلي برانت وهيلموت شميت كانا لقيطين. وشقيق المستشار غيرترود شرويدر كان مشرداً، وقد وضع كتاباً عن حياته بين الذين لا مأوى لهم. وعندما كان كول في زعامة أوروبا كان من البساطة بحيث لم يكن يعني له شيئاً أن تعيش زوجته من وضع كتب الطبخ. والألمان الذين قادوا العالم في الفلسفة والموسيقى والحروب، ساروا خلف العريف السابق أدولف هتلر في القتال. ثم ساروا خلف سائق التاكسي يوشكا فيشر في الحرب على فساد البيئة، ثم نقلوه من موقف تاكسي في برلين إلى وزارة الخارجية الاتحادية خلفاً لرجال مثل أديناور وفالتر شيل. وعندما ترك الخارجية وزيراً، أصبح أحد أبرز الكتّاب السياسيين في أوروبا.
إلى اللقاء..
*الشرق