شيماء رحومة تكتب:
الفوط الصحية تفضح السياسة الإقصائية للمرأة
يعتبر الحديث عن بعض المستلزمات النسائية على غرار الفوط الصحية من المحظورات التي تفقد المرأة العربية حياءها وتشبّهها بنظيرتها الغربية. وفي تناقض غريب نجد أن جل المجتمعات تسوق لهذا المنتج عبر ومضات إعلانية منتشرة كيفما اتفق بشاشاتها الصغيرة وعلى طول شوارعها المكتظة.
الإعلانات اعتراف مبيّت يمثل سك عبور للترفيع في أسعار الفوط الصحية مكفول بصمت نسوي يضع المجاهرة بالتنديد بمثل هذه السياسات الاقتصادية في خانة العيب. لذلك كان من بين الإجراءات التي تضمنها قانون المالية التونسي لعام 2018 الزيادة في أسعار عدة منتوجات منها مواد التجميل.
لم يتم تحديد قوائم بهذه المواد أو نسبة الزيادات، إلا أن المرأة التونسية اختبرت هذه الزيادة في أسعار الفوط الصحية واقعا ملموسا في التضارب بين أثمان الفضاءات التجارية الكبرى والمحلات الصغرى.
وصف بعض المحللين الاقتصاد التونسي منذ مطلع 2018 بأنه يقف على صفيح ساخن، نظرا إلى ظهور بعض الحركات الاحتجاجية المنددة بغلاء المعيشة، وهذا ما يضع المرأة تحت طائلة ضغوط أكبر لأنها تحتاج مستلزمات خاصة بمنأى عن بقية العائلة، وهذا المصروف الإضافي أحيانا يمثل عبئا ينضاف إلى أعباء الميزانية العائلية.
هذا العبء قد يشكل مبررا لحصول الأنثى على مساندة ذكورية تقف معها جنبا إلى جنب وتطالب معها بضرورة المقاطعة إلى حين النظر بتمعن عند إعداد قوائم مستقبلية بالمواد التي يتوجب الترفيع في أسعارها، فلا أظن أن مقترح الزيادات دَرس بشكل مفصل أبعاد وخلفيات الزيادة في سعر الفوط الصحية وتبعات ذلك على العائلة.
هناك نوع من المغالطة الذكورية صَاحب الترفيع الذي طال مواد التجميل، عمد إلى التلميح الضمني بأن المرأة التونسية تستهلك كميات كبيرة من المساحيق وهذه العقلية مستهلكة في المجتمعات العربية حد التقصير في حق نسائها.
وعلى الرغم من تميز المرأة التونسية بالانفتاح والوعي، فإنها لا تزال صامتة في وجه هذه السياسات الإقصائية التي لا تُولي اهتماما باحتياجاتها الخاصة.
وفي الوقت الذي تواجه فيه حكومة دولة مثل أستراليا ضغوطا لإلغاء ضريبة السلع والخدمات التي تبلغ عشرة بالمئة على الفوط الصحية، لا تزال عدة دول أخرى غير واعية بعد بحجم الضغوط النفسية التي تواجهها المرأة شهريا مع كل دورة، حيث أصبح هاجس البحث عن متاجر تطرح الفوط بأسعار أقل من نظيراتها بالسوق شغل التونسية الشاغل أكثر من حرصها على اقتناء مثل هذه المستلزمات الخاصة من محلات تشغل موظفين من النساء.
ليس هذا فحسب بل إن بعض القراءات الراهنة للوضع الاقتصادي ككل أظهرت أن المرأة التونسية غير راضية، وبالحديث إلى بعض الصديقات تبيّن أن قضية الترفيع في أسعار الفوط الصحية يعد من ضمن الأشياء التي تورقهن وتشغل بالهن، مؤكدات أنهن صرفن النظر عن شراء الفوط ذات الجودة العالية، وألمحن إلى أن الزيادة في الأسعار صاحبها إغراق السوق بفوط صحية متشابهة فقدت جودتها المعتادة، مما لا يتناسب بالمرة مع ثمنها الحالي.
وهذا ما يكشف أن المرأة التونسية تعاني نوعا من التهميش الضمني لا يكاد يختلف كثيرا عما تعانيه بعض النساء في دول أخرى بشكل علني، فالزيادة مع غياب مراعاة الجودة تفضي إلى نتيجة واحدة عدم الاهتمام بصحة المرأة لأن بعض الفوط الصحية تسبب مشاكل كالحكة والالتهاب وغير ذلك من الإفرازات التي من الممكن أن تعاني منها المرأة بمكان حساس من جسدها، وتجعلها عرضة لعدة أمراض، بالإضافة إلى إرهاق جيبها بمصروف إضافي لشراء الأدوية المناسبة للتخلص من تبعات الفوط غير الصحية.
تكابد المرأة شهريا مخلفات سياسة لم تراع احتياجاتها كفرد أساسي في التركيبة المجتمعية، بالمقابل تبارك النساء هذا الخلل بصمتهن.