فاروق يوسف يكتب:

خبراء اللافن

ليس صحيحا ما تضفيه المؤسسة الفنية العربية من صفات على خبرائها، لا لأنهم ليسوا خبراء حقيقيين فحسب، بل وأيضا لأنهم خبراء في كل شيء إلاّ الفن؛ خبراء في المال وصفقاته السرية، خبراء في التزوير وملحقاته الأخلاقية، خبراء في الكذب وما يرافقه من جرائم تُرتكب في حق الفن وتاريخه والذائقة وتجلياتها.

إنهم صناع أوهام من طراز فريد من نوعه، لقد وقع الفن في العالم العربي ضحية خبراء يجهلون عنه كل شيء، إنهم باحثون عن المال الذي كان من الممكن أن يخدم انتشار الفن لو أنه وُضع في أيد أمينة. ولكن المسألة وقد باتت نوعا من الاستعراض لم تعد تتعلق بالفن ومصيره وبالذائقة الجمالية وتطويرها.

الفنان العربي هو آخر مَن يفكر فيه أولئك المتعهدون المعتمدون، أما تطوير ذائقة الناس الجمالية والارتقاء بها فهما ليسا من اختصاصهم، لا أعتقد أن أحدا من أولئك الخبراء يعرف شيئا من أحوال الفنان العربي. بالقوة نفسها أنا على يقين من أن فكرة تطوير الذائقة الجمالية لدى الجمهور العربي من أجل الارتقاء به إنسانيا لم تطرأ على أذهانهم وهم يعدون العدة لاقتناص الفريسة، ليس خطأهم.. إنهم متعهدو حفلات تشكيلية.

الخطأ تتحمله المؤسسة الفنية التي لا تثق بتاريخ طويل من النقد والفن، لا أفهم لمَ تسعى تلك المؤسسة إلى تأكيد انقطاعها عن التاريخ الفني العربي، هل في ذلك المسعى بحث مضلل عن العالمية؟

ولكن الخبراء الأميين المعتمدين منذ عقدين لم يقدّموا عبر عشرين سنة من الاحتيال شيئا ملموسا في ذلك المجال، لا يزال كل شيء في مكانه، إن لم يكن في حال أسوأ.

ما من واحدة من تلك المؤسسات انتقلت إلى العالمية، أما الفن في العالم العربي فإنه يشهد تراجعا غير مقصود في ظل خبراء لا يعرفون عنه شيئا على مصيره، ما يؤلم في حالة من هذا النوع أن الفنانين العرب صامتون، وهو صمت أشبه بالخيانة.