فاروق يوسف يكتب:

أردوغان راعي الإرهاب وعدوه الملفق

ليس أردوغان ظاهرة فريدة من نوعها في مجال محاربة الإرهاب. مثل الآخرين ينتقي الرئيس التركي جهة تزعجه فيحاربها رافعا لواء الحرب على الإرهاب الذي يهب أهدافه شرعية ملفقة.

في حالة أردوغان فإن حزب العمال الكردي هو العدو، لذلك تمحورت نظرياته عن الإرهاب حول فكرة اجتثاث ذلك الحزب. وكما يرى الرئيس الإخواني فإن في إمكان القضاء على ذلك الحزب تحقيق الأمن والاستقرار في سوريا والعراق.

أردوغان الذي أثار إعجاب بعض البسطاء العرب من الأميين في السياسة لا يقول إلا أحكاما ساذجة لا يمكن أن تقنع أحدا.

 فالأكراد سواء في تركيا أو في إيران أو في العراق أو في سوريا ليسوا إرهابيين. تاريخهم النضالي يؤكد ذلك. إنهم أصحاب قضية عادلة. وهم ليسوا انفصاليين دائما بقدر ما هم ضحايا لانفصال الأوطان عن رغبتهم في العيش الحر الكريم باعتبارهم شعبا يحق له أن يعيش بكرامة وعز.

وكما هو معروف فإن التمييز الذي مارسته الأنظمة السياسية في بلدان منطقة الشرق الأوسط في حق الأكراد دفع بغلاتهم إلى تصدر المشهد السياسي مطالبين بإقامة وطن قومي للأكراد يكون بمثابة ضمانة لتحقيق ذلك الهدف الذي عجزت دول المنطقة عن احتوائه إلا في حالة نادرة هي تلك التي شهدها العراق يوم تم الاتفاق على إقامة منطقة للحكم الذاتي يتمتع فيها الأكراد بحقوقهم الثقافية والاجتماعية والسياسية.

تلك تجربة لم تعمر طويلا لأنها أحيطت بالكثير من الألغام التي لم يستطع الطرفان العراقيان، الكردي والحكومي، من القفز عليها أو تعطيلها. لم يتعلم أردوغان من التجربة العراقية شيئا. لا من إيجابياتها ولا من سلبياتها.

وإذا ما كانت مسرحية الحرب على الإرهاب قد أطلقت يده في مقاتلة الأكراد باعتبارهم إرهابيين فإنه كان في الوقت نفسه قد فتح حدود تركيا مع سوريا لمرور قوافل الإرهابيين القادمين من مختلف أنحاء العالم من أجل تدمير سوريا. وقد يكون قد فعل الشيء نفسه في أوقات سابقة مع العراق.

أردوغان متورط في دعم الإرهاب، فهو لم يكتف بفتح حدوده للإرهابيين بل أنشأ معسكرات لتدريبهم على الأراضي التركية. الرجل الذي خسر حربه مع روسيا بطريقة مذلة يوم تم إسقاط المقاتلة الروسية يحاول اليوم أن يغطي على خسارته في حربه الاقتصادية مع الولايات المتحدة من خلال الحديث عن الدور الذي يمكن أن تلعبه تركيا في تحقيق الأمن والاستقرار في المنطقة من خلال محاربة الإرهاب، وهو لا يقصد سوى الأكراد.

يتذاكى أردوغان حين يحاول الهروب من أزمة الليرة التركية التي تعصف باقتصاد بلاده في اتجاه الحديث عن الإرهاب الذي صار بضاعة مستهلكة، وبالأخص بالنسبة للدول التي تعرف مخابراتها كل شيء عن ذلك الكابوس الذي قُدر لشعوب المنطقة أن تعيشه.

بهذا المعنى فإنه يروج لبضاعة خاسرة.

وضعته الولايات المتحدة في قالب مسيطر عليه في سوريا حين سمحت لقواته باحتلال جزء من الأراضي السورية وهو ما فعلته روسيا حين تعاملت معه باعتباره قوة ضامنة للجماعات الإرهابية المسلحة.

في الحالين لم يكن هناك ضوء أخضر لأردوغان يسمح له بالمضي في مشروعه المناوئ للأكراد.

ذلك لأنه ما من جهة في العالم تشاطر تركيا موقفها من الأكراد.

لا يشكل الأكراد جماعة طفيلية في المنطقة مثل تلك الجماعات التي دعمها أردوغان وسلحها وفتح أمامها مطارات تركيا وحدودها.

كما أنهم لم يمارسوا العمل المسلح ضد المدنيين بل مارسوه اضطرارا ضد الجيش التركي، ممثل الدولة التي تضطهدهم وتستلب حقوقهم المدنية.

لذلك فإن لعبة أردوغان هذه المرة لن تنطلي على أحد.

كان الأولى به أن يلتفت إلى الأزمة الاقتصادية التي تعصف ببلاده وهي نتيجة سنوات من العمل السياسي الذي تشابك من خلاله التآمر على الخصوم بالإرهاب الذي زلزل الاستقرار في المنطقة.

وإذا ما أردنا قول الحقيقة من غير الانصياع للنظريات السائدة فإن أردوغان هو واحد من أكبر رعاة الإرهاب في العالم. وهو اليوم يدفع ثمن ما فعله في أوقات سابقة.