د. علوي عمر بن فريد يكتب لـ(اليوم الثامن):

من هنا تخرج سياسة العالم !!

 هل صدق الانجليز عندما كتبوا هذه العبارة على مدخل البرلمان البريطاني ؟؟!!
نعم ..لقد أثبتت الوقائع والتجارب التاريخية أنهم كانوا على حق فيما قالوه قولا وعملا لأن تجاربهم في استعمار ثلثي المعمورة .. وأعلامهم كانت ترفرف في إنحائها شرقا وغربا حتى أنها لم تغب عنها الشمس منذ أن استعمروها .. كل ذلك لم يأت من فراغ بل من دهاء وسياسة وحنكة وشجاعة .. ؟؟
وإلا كيف لشعب مثلهم يبسط سيطرته على 23% من سكان العالم عام 1913م أي على 412 مليون نسمة في حين تشكل المساحات المستعمرة حوالي 35.500.000 كم2 !!
وقد عوض البريطانيون دائما نقصهم العددي ( مقارنة بالشعوب التي استعمروها ) بالدهاء والحنكة وإشعال الفتن بين القوى الداخلية .
ومن ذلك حكموا ملايين الهنود عندما خلقوا تركيبة اقتصادية تجعل من الصعب الاستغناء عنهم ..كما برعوا في تجنيد السكان المحليين للقتال معهم أو بالنيابة عنهم كما حدث في سائر مستعمراتهم خلال الحروب المحلية والحربين العالميتين الأولى والثانية في حين كان خصومهم مثل نابليون وهتلر وموسوليني يغامرون بحياة شعوبهم !!
ودهاء الانجليز يتمثل في أنهم يتقنون تعاملهم مع الشعوب ولكن قلوبهم سوداء .. يقتلونك ويبكون عليك .. يتظاهرون بالوقوف معك وهم يتآمرون مع الآخرين على قتلك ومن دهاء الانجليز قال احد فلاسفتهم يوما :
( الذكاء هو أن تجعل الأذكياء يعملون لديك ) وبرغم أننا هنا لا نقصد الثناء على سياسة الانجليز وممارساتهم في خلق الفتن والحروب إلا أننا ومن خلال قراءة موضوعية لبعض أحداث التاريخ نجد أنهم أدهى شعوب الأرض ولديهم رؤية مستقبلية تقرأ الأحداث قبل وقوعها !!
وفيما يخص الجنوب العربي كان الشعب أكثر حماسة للثورة ضد الانجليز وإخراجهم من الجنوب قسرا خاصة بعد ثورة يوليو في مصر عام 1952م والتي سبقتها انتفاضات قبلية عديدة سابقة بمساعدة أئمة اليمن لحاجة في نفس يعقوب ..!!
ونورد مثالا حيا على ذلك في الوثيقة رقم 39/ع وتاريخ 17 ذي القعدة سنة 1374هـ الموافق 8 يوليو عام 1955م وفيما يلي نص الوثيقة :"كتاب تاريخ قبائل العوالق ج2"
إدارة المعتمد البريطاني " عدن " لمحمية عدن الغربية
إلى سالم علي معور وأتباعه
الموضوع : إنذار وتحذير من إدارة المعتمد البريطاني
قبل أن تدخل الحكومة إلى وادي حطيب كنتم فقراء جياعا وبلا مال وجاءت الحكومة لإنقاذكم وأرادت أن تحسن بلادكم وتوفر الغذاء لكم جميعا والى ذلك الوقت كانت اليمن تتجاهلكم ولم تعطكم أي حب أو فلوس لأنه لم تكن منكم فائدة لها .
وبسبب هذا الحسد للنعمة الزائدة التي في عدن والمحميات فإن اليمن تريد أن تبقى البلاد فقيرة جاهلة متأخرة حتى تستطيع دائما أن تستعملكم كآلة في يدها لتأخير تقدم بلادكم عدة سنين .
إن الزيود يعطونكم اليوم ملئ بطونكم وغدا سيعطونكم الموت والهلاك إنكم قد أضعتم بلادكم ولا يمكنكم أن تعودوا إليها !!
وستكونون مرغمين على العيش خارجها ؟؟!!" انتهى"

ونحن هنا لا نبرئ الانجليز مما حصل في بلادنا من تداعيات وكوارث قبل وبعد الاستقلال وفي الوقت نفسه لا نبرئ أنفسنا مما حدث .. عندما ارتضينا أن نكون أدوات للغير ضد بلادنا !!
فماذا فعلنا غير الدمار وسحل العلماء والشرفاء ؟؟
وملاحقة التجار ورأس المال الوطني عماد الاقتصاد والتنمية وتسليم الوطن للمجرمين وأرباب السوابق والسكارى؟!!!
الذين بدورهم سلمونا لقمة سائغة للجراد البشري المنحدر من مرتفعات الشمال!!
وجاءت قراءة الانجليز للمستقبل و كانوا أبعد منا بصرا وبصيرة وتحققت نبؤتهم فينا ولا زلنا في التيه والضياع خارج بلادنا حتى اليوم !!
د.علوي عمر بن فريد