د. علوي عمر بن فريد يكتب لـ(اليوم الثامن):

حماس والجهاد والتبعية لإيران إلى متى؟؟

في سلسلة من المقالات سنتطرق إلى التبعية المطلقة للتنظيمات المتدثرة بعباءة الإسلام في الدول العربية وعلى رأس هذه المجموعات: جماعة الإخوان المسلمين وغيرها من الحركات الإسلامية الأخرى المنتشرة في العالم العربي والتي ارتضت أن تكون تابعة لطهران وتنفذ أجندتها ولنبدأ بالحركات الفلسطينية :
منذ اندلاع الثورة الإيرانية عام 1979م عمدت النخب الحاكمة في طهران على أن تستغل القضية الفلسطينية والقدس في خطابها للعالم العربي.
وأثبتت الوقائع أن تلك الخطابات لا تعدو أن تكون متاجرة في القضية الفلسطينية لدغدغة مشاعر العرب والمسلمين وكسب ولائها وتعاطفها، وما ذلك إلا مخطط مدروس لاختراق العالم العربي!!
وسعيا منها لتعزيز مكانتها الإقليمية والاعتراف بها كلاعب دولي مهم.
وقد اتسم الخطاب الإيراني بالازدواجية حيث يتعاطف ظاهريا مع الحقوق الفلسطينية ومعاد لإسرائيل في حين يتسم بالاستغلال السياسي للقضية وإزاء القضايا المفصلية وبخاصة تدخلاتها بالدول العربية مثل: العراق – سوريا – لبنان – اليمن، كما تعمل باضطراد على إثارة الأزمات مع السعودية وغيرها من الدول العربية والخليجية وهذا ما سنتطرق له لاحقا.
البداية الفلسطينية – الإيرانية
كانت منذ مقابلة ياسر عرفات- الخميني عام 1979م حيث فوجئ عرفات بطلب الخميني أثناء لقاءه في إيران مترجما للفارسية رغم انه يعرف العربية جيدا، وقوله في مجالس مغلقة بعد ذلك: ( الثورة الإسلامية لا تتحدث العربية، وإنما تتحدث الفارسية فقط)!!
ولعل أول اختبار حقيقي كان مع اندلاع الحرب العراقية الإيرانية حيث طلبوا من عرفات موقفا مؤيدا لهم ضد صدام حسين ولكنه اختار الانحياز لعروبته.
فقاموا بإغلاق مقر المنظمة في (الأهواز) ومنع لقاء القيادات الفلسطينية التي عانت من ركود لم يزل حتى اليوم!!
وبالمقابل لم تحرك إيران ساكنا لنجدة عرفات المحاصر في بيروت عام 1982م،من قبل إسرائيل!!؟؟
أثناء الحصار ارتكبت الميليشيات التابعة لحركة أمل الشيعية التي بايعت الخميني مجازر ضد الفلسطينيين.
وهنا بدأت عمليا: لاستقطاب منظمات فلسطينية مثل: حماس والجهاد الإسلامي في غزة ولا يخفى على أحد الدعم المباشر التي تقدمه طهران لحركة حماس والجهات الإسلامية اللتين حظيتا برعاية لوجستية ومالية وتسليحية بل وحتى عقائدية ..وقبلتا أن تكونا ذيلا لإيران تنفذ سياستها في غزة وتقومان أيضا بتوسيع الصدع في البيت الفلسطيني.. بل وصل الأمر بحركة حماس إلى سحب الورقة الفلسطينية من مصر كما عملت الحركة على إعاقة جهود المملكة العربية السعودية للمصالحة الفلسطينية والشاهد على ذلك عندما سعت إيران حثيثا إلى إفشال مؤتمر مكة الذي تم في 8 فبراير عام 2007م برعاية الملك عبدالله بن عبد العزيز والذي سعى فيه إلى وقف الاقتتال الفلسطيني وتشكيل حكومة وحدة وطنية، إلا أن الاتفاق انهار مع أحداث غزة في حزيران عام 2007م!!
وقد أشار إلى ذلك القيادي الفلسطيني في حركة فتح عزام الأحمد بقوله: ( يبدو أن احد شروط عودة الدعم الإيراني لحماس هو استمرار الانقسام الفلسطيني)!!
وتبين للعرب حتى من كانوا عملاء لإيران أنها تطلق الوعود المعسولة بشأن القضية الفلسطينية وترفع شعار ((تحرير فلسطين)) وهي تحارب في العراق وسوريا واليمن وتهيمن على لبنان في تلك الحقبة!!
ومع شح الأموال العربية ورغبة الدول العربية في إنهاء ملف الانقسام الفلسطيني بما يضمن سحب الذريعة الإيرانية في المنطقة في حين كل ما يعني إيران هو استغلال الملف الفلسطيني ذريعة لاستمرار تغلغلها في البلدان العربية وصناعة الحروب والفوضى الطائفية فيها.
والسؤال هو: من أين تدفع إيران كل هذه الأموال لحماس؟
إنها تسرقها من جنوب العراق من خلال تهريب النفط وخصوصا أن ملفات الفساد في العراق هي الأكثر على مستوى العالم!!.
ويقول المحلل السياسي ناصر اليافاوي: ( إن إيران تحاول أن تضع بصماتها على فلسطين وهناك مجموعة من المخالب تتحرك من خلالها، وتحاول أن تخرب وجه المنطقة من خلال تلك المخالب، ويتمثل ذلك في الدخول إلى قطاع غزة عبر المال السياسي).
وأشار اليافاوي: إلى أن بعض الفصائل أدركت مخططات إيران وانسحبت من التعامل معها وتم رفع الغطاء المالي عنها!!
ولا شك أن الشارع العربي أصبح يدرك المخططات الإيرانية ومتاجرتها بالقضية الفلسطينية وقد وجدت بعض الحركات مثل حماس والجهاد لتكون من أتباعها وتأتمر بأمرها، مما وسع الشرخ الفلسطيني وتشرذم المقاومة وإضعافها.
وأصبحت قيادة حماس تجاهر بالتنسيق مع إيران رغم مشروعها ألاحتلالي في المنطقة العربية، وجعلت حماس من علاقتها بإيران مادة للتفاخر كأنه سيف تشهره على خصومها ومعارضيها!!
وتعمل إيران على صناعة ميليشيات متعددة لضمان مزيد من السيطرة الإيرانية على هذه المجموعات مقابل عدم توحدها حتى لا تشكل قوة واحدة ثم تخرج عن سيطرتها!!.
وهنا يبرز السؤال: ماذا تريد إيران؟ وماذا تريد حماس؟
ما تريده حماس هو الحصول على الدعم المالي حتى تستمر في السيطرة على غزة أطول فترة ممكنة!!.
وما تريده طهران هو الولاء والتبعية واستخدام تلك الحركات كورقة تلعب بها في المنطقة العربية ظنا منها أنها ستتمكن من خلالها تحقيق طموحاتها وهيمنتها على العالم العربي !!؟؟
د.علوي عمر بن فريد