مشعل السديري يكتب :
هكذا هن الأمهات ولا بلاش
من كان لديه أكثر من زوجة فلا شك أن العدل مطلوب، رغم أنه من المشكوك فيه أن تعدلوا حتى لو حرصتم.
وعلى كل من لم تساعده الظروف ولا الشجاعة أن يفعل أو يتورط في ذلك، فعليه أن يحمد الله أنه نفذ بجلده.
وبما أننا بصدد (التعدد)، فقد حكى لي صديق متعلم ومتفتح ومتزوج من امرأة طيبة أنجبت له أبناء نابهين، وله شقيق آخر على شاكلته، وكل منهما مستقل ببيته وعمله، ولا يفكر في هذه الدنيا الفانية بغير زوجته التي ترعى أبناءه وتحسن تربيتهم.
إلى هنا والموضوع عادي ومنطقي، غير أن ما ليس يخضع للمنطق بصلة، أن والدة هذين الشقيقين، وهي امرأة كبيرة بالسن، ولها شخصية واعتداد بنفسها، وفخورة بابنيها، غير أنها كانت تلح عليهما دائماً أن يتزوجا (مثنى وثلاث ورباع)، ليس نكاية بزوجتيهما أو كراهية لهما، بل بالعكس هي تحبهما وتقدرهما، غير أنها ترى أن (الرجل الحقيقي) لا بد أن يأخذ حقه في الفسحة التي أعطاها له الشرع، وتضرب لهما مثلاً بوالدهما رحمه الله، حيث إنه وصل إلى الحد الأقصى لهذه الفسحة، وكان سيد الرجال وفخرهم، بل إنها على ما ذكرت، كانت لا تتورع بتلبيس وتزيين العروس الجديدة بنفسها، قبل أن يدخل عليها زوجها.
ويقول ذلك الصديق إننا كنا نحاول بشتى الوسائل أن نقنعها بأننا سعداء ومكتفون بزوجتينا، غير أنها تستخف بكلامنا وتدير لنا ظهرها، ومع ذلك نجاملها لأننا لا نريد أن نكدّر عليها، غير أنها حفظها الله عنيدة، لا تكل ولا تمل من الإصرار على موقفها.
وإذا جلست معي على انفراد، أخذت تتودد لي وتهدئ علي معتقدة أنني (متهيب وخجلان من الموافقة واتخاذ القرار، وتبدأ بتشجيعي وكأنني لا زلت طفلاً صغيراً).
ومن كثرة إلحاحها أصبح الموضوع تسلية عندنا جميعاً، إلى درجة أن زوجتينا اللتين تحبان حماتهما حباً جماً، أخذتا تنكشانها دائماً لكي تفتح الموضوع، وتقفان في صفها مطالباتنا أنا وأخي بالزواج عليهما، وهن بالطبع كاذبات.
وما زالت الأم صامدة لم تيأس، ودائماً ما تردد: فرج الله قريب - انتهى.
(هكذا هن الأمهات ولا بلاش)، آه ليت لي أماً مثل تلك الأم المثالية أو الجبارة، فلا شك أنني سوف أرضيها، وأجعل لها (في كل عرس قرصاً).
ولكن هل تريدون الصراحة: ما أسهل الحكي، ولكن عند (الله الله، يفتح الله)، يعني باختصار (ما بالعباة رجّال).