د. علوي عمر بن فريد يكتب لـ(اليوم الثامن):
معركة تهامة.. إقليم البؤساء والمستضعفين !!
مدخل :
تهامة بوابة الغزاة التي دخل منها الأجانب على مر العصور إلى اليمن .
تهامة التي دخل سواحلها وسهولها المماليك والاتراك والرحالة وطوابير المستشرقين الأوربيين .
وقبلها في القرن السادس الميلادي خاض الملك يوسف ذو نواس بحرها راكبا جواده منتحرا ليمحو عار الهزيمة التي لحقت به من الغزو الحبشي !!.
إنها تهامة التي تختزن أرضها خيرات وثروات هائلة ويعبث بها النافذون والمتسلطون منذ آخر ثورة الزرانيق ضد الإمام يحيى عام 1919 م .
تهامة التي عبرتها جيوش الملك عبد العزيز آل سعود عام 1934 م في حربه مع اليمن .
إن المظالم التاريخية التي عاناها أهل تهامة ولازالوا من مركزية صنعاء تعود بنا الذاكرة إلى حرب عام 1928 م – 1929 م التي شنتها جيوش الإمام يحيى تحت شعارات دينية الهدف منها السيطرة على ثرواتها .
وقد ناشد القائد التاريخي للزرانيق ( أحمد فتيحي ) الأمم المتحدة يوم كانت عصبة الأمم من أجل تجنب ويلات الحرب ولكن قوات الإمام تمكنت من إخضاع الزرانيق وأخذت من رؤسائها وأبنائها (800) رهينة سيقوا مربوطين بالسلاسل وسيرا على الإقدام لمدة أسبوع كامل إلى سجن (حجة ) الرهيب وقد ماتوا جميعا في السجن ولهم مقبرة في حجة تسمى (مقبرة الزرانيق ) !!
وفي عام 1929 م دارت معركة (قرية القوقر) شمال بيت الفقيه وتمكنت المقاومة التهامية من هزيمة الجيوش الإمامية وكبدتها خسائر فادحة فانتقم منهم الإمام بنهب أراضيهم وجعلها مشاعا بعد أن أخذ كل وثائقهم وقام بإحراقها !!
وبعد ثورة 26 سبتمبر عام 1962م لم تأخذ تهامة حقها من التنمية وحرمت من أبسط حقوقها الإنسانية واستولى المتنفذون في عهد (عفاش) على أخصب أرضيها الزراعية في وادي : (سردد ) الشهير , والجرب , والجرابح , ووادي سهام , وقد وردت أسماء 184 شخصية متورطة في نهب الأراضي التهامية منهم أعضاء في مجلس النواب ومشايخ وضباط صنعاء والهضبة ومحيطها !!
وتم حرمان أهالي تهامة من حقوق المواطنة المتساوية في التعليم والصحة والخدمات الأخرى .
إن الحرب المدمرة التي تدور رحاها اليوم في اليمن معمدة بدم اليمنيين بالة القتل الحوثية التي تستدعي التاريخ والماضي وتحاول إسقاطه على الحاضر والمستقبل محاولة أن تستمد وجودها وشرعيتها من دعاوي وأوهام الحق الإلهي وإحياء الإرث الذي ألقى بظلاله وضلاله على اليمن أكثر من ألف عام حتى أخرجه عن مسار التاريخ والحضارة .
تهامة التي تعصف بها الحرب اليوم هي أخصب أراضي اليمن وأهلها هم أصحاب القلوب البيضاء وأحفاد فارس العرب (عمرو بن معد كرب الزبيدي ) والصحابي أبو موسى الأشعري .
تهامة أهلها هم اليمنيون السمر الذين يعيشون حياة بائسة في الأكواخ والصفيح وتقصف أعمارهم الأمراض والأوبئة وهم الذين يمتلكون أهم ميناء في اليمن بعد عدن , تهامة أهم مدرسة للمذهب الشافعي في (زبيد) .
تهامة التي لا يهتم بمصيرها أحد ويستحوذ أصحاب الهضبة على معظم مزارعها وسهولها الخصيبة نهبا وسلبا ولا يهتمون لحزنهم وغضبهم .
إن السيطرة على الشريط الساحلي والمنافذ البحرية تعني حسم المعركة في اليمن وستفقد المليشيات الحوثية مواردها من إقليم تهامة وستعود إلى الكهوف والجبال في صنعاء وصعده وستفقد مواردها المالية التي كانت تفرضها على سكان إقليم تهامة الذي رأى العسكريون إن حسم الحرب فيها قبل تعز وصنعاء سيرغم المليشيات على الاستسلام ،وهذا هو يوم الحسم واستعادة الكرامة والحق لأهل تهامة وهذه معركتهم الحاسمة التي ظلوا ينتظرونها لعقود طويلة !!
وتشكل معركة الحديدة أهم معركة إستراتيجية لقوات الشرعية والتحالف العربي بعد عدن والسيطرة على ميناء الحديدة يعني : تجفيف مصادر الدخل وحرمان مليشيات الحوثي من أهم رافد مالي لها وفرض حصار اقتصادي خانق عليهم .
وفي حال السيطرة عليها يعني إغلاق أهم منفذ لتهريب السلاح الذي يدعم أكثر من 40 جبهة حوثية مشتعلة في اليمن .
إن معركة الحديدة لا تقاس بالانتصار العسكري فقط بل ستكون كسرا لشوكة الحوثي الذي يرفض الحلول السلمية وبفقدان الحديدة سيفقدون القدرة على المناورة السياسية والعسكرية وسيكون سقوطهم حتميا وسيظل صداه مدويا عبر التاريخ !!
د. علوي عمر بن فريد