مؤمن السقاف يكتب:

الهجرة من عالم الـfacebook

منذ ما قبل شهر رمضان المبارك وانا في قطيعة مع تطبيق الفيسبوك ..هي فترة قد تكون طويلة للغاية على مهووسين هذه الوسيلة التي حرفناها في وطننا عن غايتها التي انشئت لأجلها ونقلناها الى وسيلة للتناكف الاجتماعي وليس للتواصل الاجتماعي، الامر الذي ادى الى توسع الفجوة في اوساط المجتمع ونشئ الفرقة والاحقاد وخلق الصراعات فيما بيننا البين ، وعلى الرغم من ان الاختلاف سنة كونية من سنن الله ولكن بضوابط وحدود لا ينبغي ان تؤدي الى هذا التنافر وتلك الكمية الهائلة من مخزون البغضاء والذي وبلا شك اسهمت هذه الوسيلة في توسعها وبشكل كبير وكانت عاملاً رئيسياً لما النا اليه اليوم من فرقة وتشظي .

في هذه الفترة شعرت بهمة ونشاط ونفس تواقة الى انجاز اي التزامات وتنفيذ اي افكار ...الى جانب التعافي من اضطرابات النوم بسبب متابعة ما قاله فلان او علان او توضيح وارضاء لذا او ذاك ..او الشعور بالتقيؤ من منشورات احد المصابين بداء الحالة النفسية التي انتشرت في الآونة الاخيرة اعاذنا الله واياكم منها هذا الداء الذي يفتك بفئة معينة من البشر من محبي الذات والذين تذكروا النضال في اللحظات الاخيرة وفلاسفة العصر الذين يهوون التحدث فيما يعلمون وما لا يعلمون ويشعرون بضرورة التعقيب في اي واقعة او حدث ،، بل وفي حال عدم وقوعه يبتكرون اي شيء للحديث عنه نتيجة لشعورهم بإن حسابات الفيسبوك بمثابة وظيفة يقومون مشكورين بإدائها بصدق وامانة على اكمل وجه لكي يحللوا راتبها وهو ليس بمال وانما هو في عالم الهوس الفيسبوكي عبارة عن  (Like +comments Add) وعشان يكسبوها بالحلال بارك الله فيهم وقلل من امثالهم ..قولوا آمين .

حقيقةً لم افتقد تلك النوعيات خصوصاً تلك النوعية التي تحاول لفت الانظار اليها بانتقاد الكل ومطبقي قاعدة مع الكل ضد الجميع مرددين جملتهم الشهيرة والتي لا يملكون سواها بسبب الفراغ الذهني الذي يعانوه فيكتفون بترديد ( كلهم سرق مالكم منهم ) !!

وكأنه لا يوجد شخص نزيه سواه ..والمثير للاستهجان ان نفس هذا الشخص لو نظرت لحالة لاحترت من اين تبدأ لسرد تاريخه الاسود المشابهة لنفس لون كتابة منشوراته الفيسبوكية ..

لم افتقد ايضاً لذلك الصنف والذين كان العامل الرئيسي لإشعال نار الفتنة في وسائل التواصل الاجتماعي وهم الكتبة المأجورون والذين جندهم رؤوس الاموال واغدقوهم بأموالهم قاصدين  في ذلك ابتغاء مرضات احزابهم المنتمين اليها وبما يتناسب مع مصالحهم واستثماراتهم معتمدين على تلك الابواق التي لا تعي ما تكتب ولاترى امامها سوى المال الذي سيتقاضونه جراء تشويههم للشرفاء وطرح ما يخالف الحقيقة في محاولة منهم للتظليل على البسطاء من الناس حتى يستمر الفاسد في فساده ومطمئناً بإن هؤلاء المرتزقة سيتولون مهمة حجب انظار المواطن البسيط عن من يتسبب في تجويعه وخلق الازمات له وسيقومون بتوجيه المواطن البسيط لمحاربة من يقف في صفه ويحاول ان يدافع عنه ضد شلة الفساد والاحتكار وصناعة الازمات !!! .

واقولها وبكب اسف باننا كنا عون لهؤلاء الكتبة المأجورين بالدخول معهم في مناكفات والتفاعل مع ما يطرحوه وكنا داعم لهم في خلق صيت وسمعة لأنفسهم في الشارع الجنوبي وهم في الحقيقة لا يسوون شسع نعل ابسط مواطن يعاني من سوء المعيشة التي يتاجر بها هؤلاء ويقومون باستثمارها وفق ماتقتضيه سياسة والي نعمتهم وساقيهم فناجين الشاي بالياسمين 

لما افتقد ايضاً مثيرو الاشمئزاز من ذوي المعاناة النفسية ومن من يشعرون بالنقص في انفسهم فوجدوا الفيسبوك مساحة مناسبة لتقمص شخصيات غير شخصياتهم ،، فتارة يتغنون بالوطنية وتارة بعدم التبعية وتارة يتقمصون دور الخبير السياسي المخضرم .. وهلم جرة 

وكل شخصية يتقمصونها حسب ما يطلبه القارئ والذي يسعون لكسب ودة وبكل ما اوتوا من تصنع ورياء ليربحوا في نهاية المطاف لايك او تعليق او اشادة ستشبع الى حد ما غريزتهم النفسية ..

هذه النوعية المقززة من المفسبكين لا تستطيع ان تتواجد في تويتر بسبب ان الاحرف المتاحة في تويتر لا تكفي لاستيعاب تنظيرهم الذي يحتاجون لاستعراضه مساحات مفتوحة لا تقيد من امكانياتهم الهائلة في التنظير والمعارضة والانتقاد الخالي من وضع اي حلول تخص انتقاداتهم والتي تكون غالباً نابعة من عدم المام في تفاصيل التفاصيل ولاتدرك سوى امور سطحية يبني عليها تحليلاته الذي يرى في نفسه عند طرحها بانه بروفيسور في مجاله ..حتى بت اعتقد انه وبعد مرور فترة بانهم ينسون انفسهم ..او بمعنى اصح يكذبوا على انفسهم ويصدقوا الكذبة .

لم افتقد ايضاً لشريحة المتسلقين والانتهازيين من هواة التلميع والمداهنة والمجاملة ومن من يُسخر حروفه لكسب ود تلك الشخصية المرموقة بغرض الحصول على منصب او استخراج وظيفة و قرار ..واللهث في سبيل ذلك من مكتب الى مكتب ومن مرفق الى مرفق اخر غير مبالٍ بإذلال او تجاهل او رفض ولايتوقف عن المحاولات المدعمة بمنشورات النفاق في الفيس بوك ويستمر الشهر تلو الاخر والسنة تلو الاخرى ولست مبالغاً هنا ان قلت انه يستمر في ذلك ٣ سنوات واكثر حتى يؤدي ويستكمل اداء كل فروض الطاعة والانصياع ويصدر قراره بعد ذلك .. كل ذلك لا يهم فما يهمه هو الوصول بأي وسيلة كانت .. رامياً عرض الحائط بالمبادئ التي يتغنى به ومعززاً ذلك الجهد المبذول في تسلق السلالم بطقوس الحفاظ على القرار بمداهنات وتملق بالفيس بوك سواء بتعليق او منشور خاص للوزير الفلاني  والمسؤول العلاني  .. بل وفي بعض الاحيان نشاهد نفس هذا الشخص يمدح ويلمع مسؤول اخر يخالف المسؤول السابق في التوجهات السياسية، لا داعي للعجب فهي ممارسة من هذا المفسبك لاستراتيجية  مسط العصا من المنتصف ) والذريعة والحجة هي لدبلوماسية.

وتقابل تلك النوعية التي اسلفت ذكر نهجها الفيسبوكي ب (المدح والمداهنة) نوعية مضادة لها تنتهج ال ( الشتم والابتزاز ) :

فقي فترة سابق انتشر اسلوب ساد على الكثير من النشطاء وهو شتم ومهاجمة احد المسؤولين في حال حاول التواصل معه ولم يلق استجابة لما يريد فيقوم بممارسة الابتزاز ،، ولان غالبية المسؤولين وللأسف الشديد يتأثرون من اي هجوم يتعرضون له في وسائل     التواصل الاجتماعي مما يدفع بهم الى الرضوخ في محاولة لإسكات ذلك الصوت المضاد والبحث عن منبعه لطلب وده وتنفيذ رغباته !!

على الرغم من ان التصرف الامثل مع مثل هؤلاء هو التجاهل ..

ولكن للأسف غالبية القادة والمسؤولين يعانون من فوبيا الابتزاز ونقص لمناعة التحمل وضعف بالتجاهل وانعدام ملكة غض الطرف عن السفهاء .

نأتي الان الى النوع الاكثر اثارة للاشمئزاز وهي الشخصية التي تبدأ مشوارها في تظليل الناس بالسعي لكسب ود اي شخصية تكن لها الناس التقدير والاحترام والمحبة والسعي وراء توطيد العلاقة وحتى اذا كانت من طرف واحد ..

ومن ثم البدء بالمرحلة التي تليها وهي التسويغ امام الملأ بعلاقتهم الوطيدة حتى تنجح تلك الشخصية بإيهام الجميع بانهم جسدين في روح واحدة وبعد النجاح في هذه المهمة يتم الانتقال الى مهمة اكبر يتك فيها استخدام تلك الشخصية التي اوهمت الجميع بكسب ودها واستعمالها كجسر عبور للانتقال الى الشخصية الاكبر والتي تعرف بانه لن يتم تصديقها في حال سوغت ايضاً انها على علاقة تواصل قوية به .. فتستخدم اسلوب اخر يتمثل بمحاولة التقاط اي صورة معه ونشرها بالفيسبوك ورسم صورة بإن ذلك القائد ليس بإمكانه الاستغناء عن جهوده ويستشيره في كل قراراته وانه كان رفيقه في وقت الشدة ..

" على الرغم من عدم تعارفهم الشخصي او بالكاد معرفة سطحية !!

ولكن ما يسعى له هذا المفسبك هو تظليل مرتادي الفيسبوك من المغتربين البسطاء البعيدين من ارض الواقع وان تكون بداية مسيرته في صنع اسطورة وهمية وامجاد صدقها البسطاء الغير قريبين من المشهد .

بعد ذلك ينتقل الى المرحلة التي تليها وهي مرحلة تثبيت صورتهم المزيفة التي رسموها لأنفسهم وصدقها البعض .. ويكون سيناريو هذه المرحلة على النحو التالي :

البدء بسرد قصص عن صداقتهم بأحد الشهداء الذين قضوا نحبهم ..وعلى الرغم بان الجميع يعرف بانه لا يوجد اي رابط بينهم ولكن نغمض اعيننا وكأننا لم نقرأ ونمرر تلك الكذبة من باب احسان الظن واعطاء الفرصة لعمل المرض النفسي المزمن ان يُشفى ،، لكن اذا بالحالة تزداد سوء يوماً بعد يوم واذا به يطل علينا بكلمات اخرى عن شهيد اخر استشهد في ٢٠١١م وعلاقتنا نحن فيه لم تمتد لأكثر من ٣ اشهر فقط وبعد ذلك استشهد رحمة الله عليه ،، فكيف لهذا المأزوم ان يكنيه رفيقي وصديقي ويسرد القصص والروايات .. وهو شخص لم يعرفه احد سوى بعد حرب ٢٠١٥م والتي افرزت نهايتها شخصيات اقل ما يمكن وصفها به (معاقة ذهنياً) !!

تخيلوا ان حتى الشهداء والموتى لم يسلموا من كذبهم وقصصهم الهوليودية التي تُؤلف في سبيل نيلهم ثقة من لا يعرفهم في السابق من المغتربين وخلق اسم وشهرة تشبع شبقهم النفسي ..غير مدركين بإن من يريد فعلاً العمل وخدمة الوطن وخلق سمعة طيبة وصيت الخير عليه ان يبتعد عن الاضواء والشوشرة ..ارجوا ان تعي ذلك ياصديق القادة والشهداء.

عموماً لقد كانت فترة انتابني فيها شعور مختلف وانا ابتعد عن تلك العينات التي اسلفت ذكرها من البشر ،،

ولكي لا اكون مغيباً عن المشهد وما يدور في الساحة لجئت الى عالم تويتر والذي يشكل حالة ارقى وتجد فيه ماقل ودل بسبب محدودية عدد الاحرف في التغريدة ويعتبر ذلك مُعضلة تواجه الثرثارون الذين وان تواجدوا فيه لفترة بسيطة الا انهم سرعان ما ينفرون منه ،، لأنه بالنسبة لتلك النوعية بمثابة سجن انفرادي مع الاشغال الشاقة !!

فترة تجاوزت اكثر من ٦ اشهر ابتعدت فيها نهائياً عن الفيسبوك ولم اعد له سوى قبل ايام وتحديداً يوم وفاة المناضلة والغالية على قلبي زهراء صالح رحمة الله عليها

وفي الختام ..اود ان اوضح بإن مقالتي هذه هي لوصف ما آل اليه حالنا .. وكيف حولنا هذه الوسيلة الى اداة لزيادة الفرقة، ولشب نار الفتنة ..

ولم اكن اقصد بمقالتي هذه ان ادعوا لترك هذه الوسيلة اطلاقاً ..ولكن كنت احاول ان اوجه رسالة لنعي جميعاً اننا نستخدمها الاستخدام الخاطئ  ..وبإنه يجب علينا نشر الوعي وتعميم ما يجمع لا ما يفرق ،، وانا ننبذ الشخصيات التي تضيء حساباتها بنار الفتنة والتي ستحرقنا جميعاً ان طال صمتنا وبقينا في دور المتفرج ازاء ذلك

كل المودة احبتي ..

ووفقنا الله واياكم لما فيه مصلحة الوطن .

اخوكم مؤمن السقاف