نجيب غلاب يكتب:
"الحوثية" ومعضلات الحل السياسي
الانكسارات المتلاحقة للحوثية عسكرياً وحدها الطريق الأسرع للحل السياسي كونها لن تتقارب مع هذا الحل لإدراكها أن السلام يقودها إلى حصار داخلي وينهي مشروعها ككهنوت وكمليشيا حتی وإن كانت متيقنة أن رفضها للحل يدفعها إلى انهيار شامل عسكرياً وسياسياً وحصار اجتماعي أشد وطأة.
الحوثية تتجرع الهزيمة كتنظيم وكمشروع كهنوتي وإيراني، ومهما عملت فلن تنجو من الحساب والسقوط.
ما كان للحوثية أن تقبل طاولة المشاورات لولا يقينها بالهزيمة وأن سقوطها لن يتأخر كثيراً.
ستسعى لتحويل الحل السياسي إلى مدخل لإنتاج حروب أخرى، ولأنها قد استنزفت نفسها في مناورات متلاحقة فلن تتمكن من ذلك.
وباتت الحوثية بلا قاعدة شعبية، بلا مؤيدين.. الجميع ينتظر الخلاص منها، وكافة أطراف الحركة الوطنية بلا استثناء ضدها ويرفضون مشروعها، ومن انخرط معها أصبح يتآكل في ورط متلاحقة وينتظر خلاصاً بلا خسائر.
ويظل السؤال: ما الذي يطيل من عمرها؟ والجواب هو فرقة أطراف الحركة الوطنية وصراعاتهم وضعف التواصل مع الشعب.
كما أن القبضة الحديدية للحوثية تتهاوى يومياً وستصل إلى حالة الانهيار مع الوقت، وعندئذ سيرى المخدوعون بالحوثية حقيقتها كما هي.
فمصير الفاشيات السقوط، فكيف بفاشية كهنوتية عنصرية تشتغل كمقاتل من أجل الغنيمة والخرافة وبأيديولوجيا هشة عمودها عقيدة طوطمية ضد الدين كأفق إنساني وضد التدين كإيمان حر.
لهذا فإن الحوثية مليشيا قهرية من جشع وإعلام من زيف ودجل وخداع وكهنوت عصبوي بلا أفق وطني.. وهي منبوذة شعبياً وفشلت في كل شيء، وتحولت إلى ظاهرة إعلامية لحجب هزائمها.
وكلما انكسرت لجأت إلى الإعلام الذي أصبح متضخماً بشكل لا معقول، ورغم ذلك فإنها تتعرى يومياً أمام اليمنيين وتخدع من لا يفهم اليمن ليس إلا.
وهي تدرك أن استسلامها للمرجعيات يعني انهيار مشروعها والبقاء كعصبية بلا أفق.
وأفضل خيارات الحوثية في الوقت الراهن هو الاستسلام بضمانات عربية في إطار التحالف والبدء في تفكيك المليشيا الحوثية وإجراءاتها منذ احتلال صنعاء ومساعدة اليمنيين في بناء السلام وبناء دولتهم الضامنة للجميع.
فتكاليف سقوط الحوثية سيكون كارثياً عليها ولن تتمكن عصابة من مواجهة شعب يرى الخلاص منها بداية النجاة.
لكن معضلة الحوثية أن السلام سيفتح عليها أبواب بركان الغضب الشعبي المكبوت، وسيقود إلى تفكيك مليشياتها وتصفية سطوها على المؤسسات وقبضتها الحديدة على المجتمع.
لذلك ستبحث عن هدنة، وهذا غير ممكن، لأن إنهاء انقلابها خيار محسوم وطريق اليمن للنجاة من الفوضى والمعاناة وكل المشاريع التخريبية مآلها الفشل.
وإذا تم تمرير أي مسارات خارج إطار تفكيك المليشيا الحوثية وإنهاء سطوتها وإنهاء إجراءاتها في مؤسسات الدولة فإنما يتم تكرر الأخطاء السابقة.
السياسيون الذين يتشاورون مع الحوثية عليهم إما أن يلتزموا بالخيارات الوطنية الحاسمة والشعبية أو يتركوا الشعب يقرر مصيره بطريقته ونقول لهم: الحوثية قد انكسرت شوكتها وهزم مشروعها فلا تنقذوها.