محمد الدليمي يكتب:

قراءة في سياسة الإمارات

يبدو لي ان هناك سؤالاً جوهرياً  بات يطرح بألحاح في الأوساط السياسية الدولية والمتابعين للشأن السياسي في المنطقة هو لماذا نجحت سياسة الإمارات العربية واخفقت دول عديدة ؟ وللأجابة على هذا التساؤل فائق الأهمية لا بد للكاتب والباحث ان يدقق في المعلومة ويقاطعها مع معلومة اخرى لكي يترصد له بعض الحقائق المتاحة والتي تؤكد صدقيتها ارض الواقع والوقائع .

ما هو المنهج الذي سارت عليه الإمارات كدولة ونظام حكم استطاع خلال فترة ليست كبيرة في عمر الشعوب من ان يحصد كل هذه النتائج المبهرة ؟

لقد أرسى المرحوم الشيخ زايد بن سلطان الباني والمؤسس لهذه الدولة الحديثة اسس صلبة من الوعي باهمية تجسيد القيم الحية في بناء الدول قبل انجاز البنى والهياكل التي ستحتوي هذا البناء العظيم واول هذه القيم التي حرص عليها هو نشر السلام بين الشعوب واشاع التسامح فكرا وسلوكا في منهجية الدولة بحيث نال اعجاب كل من التقوه واستمعو اليه يتحدث عن الأخوة بين بني البشر والعمل على غرس المحبة والتآزر في الملمات ونصرة الحق .

في عام زايد انطلقت مبادرات شتى من قيادة الدولة والهيئات الحكومية والأهلية تعبر عن صميم التعلق بقيم ونهج زايد في الخير والعطاء  واليوم تقرر قيادة الدولة اعتبار عام 2019م عاما للتسامح فماذا  يشكل هذا التوجه من معاني ومضامين تريد القيادة الرشيدة من تجسيدها وتحويلها الى قيم راسخة في خطط وبرامج الحكومة في كل السياقات.

الإمارات عندما تقرر ان العام القادم هو عام التسامح ليس شعارا ترفعه بغرض الكسب السياسي والأستلطاف انما هي قد جسدته على ارض الواقع منذ ازيد من اربعين عاما فهي تحتضن عشرات الجنسيات بل قل مئات من مختلف العقائد والملل والنحل بلا تمييز هنا في الحقوق ولا ازدراء فالجميع محترم لطالما هو يحترم القانون والنظام العام ففلسفة الإمارات ليست طلاسم فهي مجموعة من القيم والسلوكيات المتجذرة في شخصية المواطن الإماراتي التي جبلت روحه على السماحة والطيبة واغاثة الملهوف ومد يد العون للمحتاج واحترام آدمية الإنسان بغض النظر عن مرجعيته الأثنية او العقدية وهنا على هذه الأرضالطيبة لا تعامل مطلقا على اساس الخلفيات انما انت حر في شؤونك ما دمت لا تتجاوز على ثابتين اساسيين هما حرية الآخرين والنظام العام .

الإمارات تفوقت في التنمية وقدمت نموذجا حضاريا وإنسانيا ليس في حجم البناء والعمران بل في كم القيم المتراكمة في النفوس والتي عززتها قيادة البلاد بمنظومة من القوانين الناظمة ومحددات لا احد يستطيع تجاوزها مهما علا شأنه .

نجحت الإمارات في سياساتها لانها اعتبرت حقيقة ان الإنسان هو غاية ووسيلة كل تحول منشود ورغم عظمة المنجز فلا تجد احد من مسؤلي هذه البلاد يشعر بالتبجح والغرور فجميعهم يقولون كلاما واحدا نتمنى عشرون ابو ظبي للعالم وعشرة من دبي ونحب الخير لجميع البشر والإنسانية جمعاء . 

هذه منطلقات اسهمت في تميز الإمارات العربية انها تعمل بلا ضجيج ولا شعارات للاستهلاك الخارجي ، سياسة خارجية تحصد النجاح تلو النجاح واخيرا وليس آخراً نجح فريق عمل الخارجية الإماراتية في ان ينال جواز سفر الإمارات المرتبة الاولى عالميا بحسب تصنيف الموقع العالمي باسبورت اندكس وهذا لم ياتي بضربة حظ او عن تقديم أغراءات انما هو حصيلة فكر ثاقب لرجل السياسة والدولة البارز سموالشيخ عبدالله بن زايد وسهره سنوات على متابعة خطة لفريق عمل ناجح وجواز سفر اي دولة قد اصبح معيارا حضاريا لقياس قوة الدولة ومكانتها العالمية. 

وفي كل يوم تنطلق مبادرات تنضح من عقول قادة هذه الدولة وابناءها الذين صار شعارهم التميز وصولا الى الابتكار الذي يدهش العالم في كل طلعة فجر خبر عن نجاح او مشروع لامس الواقع او انجاز حضاري وسياسي لافت انها منهجية متكاملة تحقق وتكسب نقاط في كل يوم وكل شهر وكل سنة ، فبوركت هذه الجهود وليبارك الله في الإمارات العربية الغالية انموذجا صار يحتذى بهفي العالم اجمع.