د. علوي عمر بن فريد يكتب لـ(اليوم الثامن):

ابن خلدون واليمن !!

كتب ابن خلدون الحضرمي الأصل الاشبيلي الولادة التونسي النشأة ..مؤسس علم الاجتماع الحديث ولي قضاء المالكية في مصر وظل فيها ربع قرن حتى توفي كتب "مقدمة ابن خلدون " قبل 800 سنة وكتب فيها تحليلا لما يجري في عصرنا كأنه يعيش معنا حيث قال :
(عندما تنهار الدول يكثر المنجمون والمتسولون.. والمنافقون والمدّعون... والكتبة والقوّالون.. والمغنون النشاز والشعراء النظّامون.. والمتصعلكون وضاربو المندل... وقارعو الطبول والمتفيقهون... وقارئوا الكفّ والطالع والنازل... والمتسيّسون والمدّاحون والهجّاؤون وعابرو السبيل والانتهازيون.. تتكشف الأقنعة ويختلط ما لا يختلط.. يضيع التقدير ويسوء التدبير.. وتختلط المعاني والكلام.. ويختلط الصدق بالكذب والجهاد بالقتل.. "عندما تنهار الدول".. يسود الرعب ويلوذ الناس بالطوائف.. وتظهر العجائب وتعم الإشاعة.. ويتحول الصديق إلى عدو، والعدو إلى صديق.. ويعلو صوت الباطل.. ويخفق صوت الحق.. وتظهر على السطح وجوه مريبة.. وتختفي وجوه مؤنسة.. وتشح الأحلام ويموت الأمل.. وتزداد غربة العاقل وتضيع ملامح الوجوه.. ويصبح الانتماء إلى القبيلة أشد التصاقا.. وإلى الأوطان ضربا من ضروب الهذيان.. ويضيع صوت الحكماء في ضجيج الخطباء.. والمزايدات على الانتماء.. ومفهوم القومية والوطنية والعقيدة وأصول الدين.. ويتقاذف أهل البيت الواحد التهم بالعمالة والخيانة.. وتسري الإشاعات عن هروب كبير.. وتحاك الدسائس والمؤامرات.. وتكثر النصائح من القاصي والداني.. وتطرح المبادرات من القريب والبعيد.. ويتدبر المقتدر أمر رحيله، والغني أمر ثروته.. ويصبح الكل في حالة تأهب وانتظار.. ويتحول الوضع إلى مشروعات مهاجرين.. ويتحول الوطن إلى محطة سفر.. والمراتع التي نعيش فيها إلى حقائب.. والبيوت إلى ذكريات والذكريات إلى حكايات.(

ونحن نقول :

- المنجمون والمتفيقهون هم أصحاب الفتاوى الدينية من حزب الإصلاح اليمني الذين يطلون علينا عبر الشاشات والفضائيات ، وفي فتاواهم يختلط الجهاد بالقتل وتحرير الوطن من رجس أذناب إيران يتحول إلى أقوال وشدة تزول وأناشيد باهته !!
والحوثيون هم من ينفخون بكير الطائفية والسلالية العنصرية ويلوذون ويحتمون بها إذا أحمرت الحدق!!!
يقتلون الشعب اليمني تحت شعارات زائفة وأهازيج باطلة ينسبونها إلى الدين والدين منها براء .
والمتسولون هم الذين يترزقون ويتكسبون بل ويقتاتون على دموع الثكالى والأيتام الذين فقدوا آبائهم في هذه الحرب العبثية ، والمنافقون هم المناضلون في الأحزاب السياسية ، والمدعون والكتبة والقوّالون هم رجال الثقافة والإعلام في الصحف والفضائيات، وهم المحللون السياسيون وهم ضاربو المندل وقارعو الطبول ، وهم قارئو الكف والطالع والنازل والشعب يعرفهم وعند الاستماع إليهم يضيع التقدير ويسوء التدبير سواء من هم في السلطة أو حتى خارجها !!
وتظهر على السطح وجوه مريبة وغيرهم كثير.. ويضيع وسط هذه الحشود صوت الحكماء، ويتقاذف أهل البيت الواحد بالعمالة والخيانة ،
وتحاك المؤامرات والدسائس والصفقات بين الحوثي والشرعية لإطالة أمد الحرب لقطف الثمار والمكاسب ..ويطلعون بعضهم بعضا على خططهم ومواقعهم والمصلحة واحدة ولا ضرر ولا ضرار!!
تحت شعار: علينا التوريد وعليكم التصريف ..ولكم عشرون ولنا عشرون والحرب بين الملكيين والجمهوريين لا زالت حاضرة في الأذهان والتجربة خير برهان !!
والذكي من اقتنص الفكرة واهتبل الفرصة فهي لا تتكرر!!
والعمر قصير ما أحد ضامن عمره !!
والحياة على كف عفريت تمسي وزير وتصبح في الشارع حافي القدمين وحتى لا تنطبق عليك مقولة "لا مصروف ولا معروف "!!
هذا إن لم يغدر بك حلفاؤك وأنصارك كما فعلوا بالزعيم ..وخير لك أن لا تثق في أحد ..وتصحى وأنت مفجوع على مالك وأهلك ..إن بقي لك منهم شيء ..إذا دهاك الطوفان على غفلة وقد تنسى البسملة والحوقلة حتى لو كنت شيخا معمما !!
..والشاطر من أخذ الفكرة والعبرة من غيره ..ويجمع ما خف وزنه وغلا ثمنه ، وعند سماع صفارة الحكم تنتهي المباراة ويتحسر الغافل على مصيره .. ويتدبر المقتدر أمر رحيله، ويذهب وقد أمن نفسه وأولاده بالعمارات وا لعقارات والمدخرات في أوروبا، واطمأن قلبه على ثروته وما لطشه ولهفه في ساعات الطوشه والهوشه ، والاحتياط واجب ..والفرصة لا تسنح إلا مرة واحدة والشاطر هو من يتلقفها وهي تهوي في السماء قبل أن تصل القاع أو يلتقطها غيره !!
عندها يتحول الوطن إلى محطة سفر،حالة اليمن اليوم.. والمراتع والمرابع إلى حقائب والسعيد من وجد قرشه الأبيض ليومه الأسود ..فالأيام والليالي في اليمن كلها سوداء ..هذا هو اليمن وأهله لمن لا يعرفه!!
"وقد قال المحلل السياسي والعسكري السعودي إبراهيم آل مرعي أن الحوثيين اصدق من بعض قيادات الحكومة الشرعية
واتهم مرعي بعض قيادات الحكومة الشرعية أنهم يهدفون إلى الكسب في هذه الحرب سياسيا وماديا.

وعبد الملك الحوثي ومن معه عدو مبين، ولكن يعلم الله أنهم أصدق لقضيتهم وأهدافهم -وان كانت منحرفة وخاطئة- من بعض من انحازوا الى الشرعية، لغرض الكسب في هذه الحرب سياسياً ومادياً، والمتاجرة بدماء الشعب اليمني.
رأيت في حرب اليمن من العجائب التي لن تقرأها في الكتب:وزراء،وشيوخ قبائل،ورجال دين،ومثقفين،يحتفلون بزواجات ذويهم،ويكرسون ثرواتهم،ويحتفلون بأعياد ميلادهم،والأدهى من ذلك يظهرون ذلك للملأ،لا خوف من الله،ولا حياء من شعب يمني مكلوم،ولا احترام لتحالف ضحى بأبنائه وسخر اقتصاده لنصرتهم!!"


ولا عزاء للمخلصين الطيبين البسطاء فهم في عرف اللصوص والمجرمين سذج وأغبياء ..وهم وحدهم من دفع الثمن من دماء أبنائهم وأحبابهم دون مقابل ..ويدرك هؤلاء البسطاء أن لا أحد من أرباب السلطة لن يكلف نفسه أن يعزيهم في مصابهم أو يقرأ الفاتحة على أرواح الشهداء من أبنائهم !!
فاللصوص مشغولين وليسو مأزومين ... موائدهم عامرة ويعيشون مترفين في الفنادق ويتنقلون بالطائرات ويحضرون المؤتمرات ويحيكون المؤامرات ..بينما الفقراء لا يجدون دارا تؤويهم ولا جدار يستظلون بجواره ..ولا كسرة خبز ولا شربة ماء نظيفة !!
يغلون أوراق الأشجار ويأكلونها .. وأطفالهم يبحثون عن بقايا طعام في مقالب القمامة ..وفوق ذلك كله تفتك بهم الأمراض والأوبئة ولا يجدون ثمن الكفن الذي يستر أجسادهم الهزيلة !!
لك الله يا شعب اليمن والله المستعان على ما يصفون ولله الأمر من قبل ومن بعد.
د.علوي عمر بن فريد