د. علوي عمر بن فريد يكتب لـ(اليوم الثامن):
أيهما أفضل الحظ أم القداسة ؟؟
حالنا اليوم في اليمن تنطبق عليه هذه القصة التي أحببت أن أسقطها على واقعنا المرير وما يجري على أرض الواقع والتي تقول:
أمر أحد الحكام حرسه الخاص بإحضار كبير مستشاريه في ساعة متأخرة من الليل ..فلما احضروه كان يرتجف خوفا ورعبا من تلك الدعوة المفاجئة !!
ولما مثل بين يدي الحاكم هدأ من روعه وقال له :
لا تجزع ولا تخف لقد جافاني النوم واحترت في مسألة عويصة وأحببت أن أستشيرك فيها فهدأت نفس المستشار وقال سمعا وطاعة يا سيدي .. سل ما بدا لك ؟
فقال له الحاكم : أيهما أفضل الحظ أم القداسة ؟
فقال المستشار : طبعا القداسة يا سيدي !!.
ضحك الحاكم وقال : " سأدحض رأيك بالدليل.. أو أثبت رأيك بالدليل "؟؟
وافق المستشار وخرجا في صباح اليوم التالي إلى أحد الأسواق ووقف الحاكم يتفرس وجوه الناس حتى رأى "حمالا" بائسا جدا ... فأمر الحرس بإحضاره إلى القصر , ثم أمر أن يطعموه ويلبسوه الحرير , ثم جعله وزيرا , كما أمر بإدخاله إلى مجلسه وبدأ الناس يتوافدون عليه للسلام ولقضاء حوائجهم .
فقال الحاكم للمستشار : أيهما أفضل الآن الحظ أم القداسة ؟
فقال الوزير :أمهلني ثلاثة أيام حتى اثبت لك العكس ؟
فخرج المستشار إلى السوق وشاهد حمارا هزيلا قذرا ومنهكا فأخذ يتلمسه برفق ويقبله ، ثم قال بصوت عال : "أيها الناس أتعرفون أن هذا الحمار قد حمل على ظهره أحد أنبياء الله ؟؟!!
لقد جاء وصف هذا الحمار في الكتب أنه من أهل الجنة !!
فتجمهر عليه الناس وفي لحظات تم غسل الحمار ووضعوا على ظهره لباسا فاخرا وأخذوا يتبركون به ..ثم اسكنوه مسكنا نظيفا وكلفوا خدما لإطعامه ورعايته وأصبح الناس يقدسونه ويتبركون به !!
وقد هجروا الوزير وانصرفوا عنه إلى الحمار المقدس ، فقال المستشار للحاكم :إذا حاولت مس الحمار المقدس فسيثور عليك الناس !!
عاد المستشار إلى الحاكم وقال :" والآن يا سيدي أيهما أفضل ؟؟
فابتسم الحاكم وأيد الوزير على رأيه .. وقال له : قل لي ما هو الفرق بين الحظ والقداسة ؟ فقال الوزير: أنت يا سيدي ألبست هذا الحمال ثوب العافية والمال والسلطة ، وهذا ثوب زائل لأنك تستطيع سلبه منه في أي لحظة !!
أما أنا فقد ألبست هذا الحمار ثوب القداسة ولعمري لا يمكن أن يسلب منه ثوب القداسة حتى أنت يا سيدي ؟؟!!!
والآن يا أهل اليمن انظروا إلى حالنا لتروا كيف تسير الأمور؟
الحمير يتصدرون المشهد!! ولا يمكن أن ينتقدهم أحد ، كما أن الحظ جعل من الكثيرين من عديمي الخبرة والقدرة في مراكز قيادية وسيادية ونالهم حظ الحكومة ولكن إذا غضب عليهم المتنفذون أزاحوهم من مناصبهم ، وسرعان ما عادوا إلى الشارع من حيث أتوا !!
بينما الحمير المقدسة تطوف بين الطرقات والمواطن لا زال يتبرك بها رغم علمه أنها حمير إلا أنها مقدسة في عقله الباطن ولا يجوز أن يتنكر لها وقد ترسخت قداستها في أذهان العامة والجهلة من الناس!!
العبرة :
كم من حمار البسه الجهلة والدهماء ثوب القداسة وأصبح يتحكم في حياتنا السياسية والاقتصادية والاجتماعية والدينية والعسكرية والأمنية !!
وكم من حمار رفعناه إلى مرتبة القداسة وحملناه على أكتافنا ..وعندما تمكن من رقابنا لم ينزل ولم يعتق ظهورنا ورقابنا !!
وكم من حمال انتشلناه من القاع والحضيض ونظفناه ورفعناه ولم يفلح !!
فهل عرفتم الآن من هو الحمال ؟؟ ومن هو الحمار المقدس ؟؟
انه ما يجري في اليمن اليوم وباقي التفسير عليكم !!
د. علوي عمر بن فريد