د. سنابرق زاهدي يكتب لـ(اليوم الثامن):

عام 2018 الإرهاب الإيراني في أوروبا

بلا استثناء، مثّل العام 2018 علامة فارقة في عُرف الدبلوماسية العالمية؛ اذ جعلت إيران من سفارتها في مختلف بلدان القارة الأوروبية مصدراً لاستهداف أمن واستقرار تلك دول، مستغلة بعثاتها الدبلوماسية، فضلا عن تهديدات أخرى لا تقل خطورة، وسط تصعيد في لهجة مسؤولين إيرانيين بارزين.

وقبل أيام من انقضاء 2018، أعلنت ألبانيا (جنوب شرق أوروبا) طرد سفير إيران، ودبلوماسي آخر من البلاد لإضرارهما بأمنها القومي، بعدما اكتشفت أنهما كانا يخططان لهجمات إرهابية بها. وذكرت وزارة الخارجية في تيرانا، أن السلطات الألبانية اتخذت هذا القرار بعد التشاور مع شركائها في حلف شمال الأطلسي “ناتو”، دون أن تفصح عن هويات الدبلوماسيين المطرودين من أراضيها.

فثمة حالة من التوتر، شهدتها العلاقات بين طهران وعواصم أوروبية كبرى طوال العام على خلفية تمويل وتخطيط نظام ولاية الفقيه لهجمات إرهابية ضد معارضين، في داخل تلك البلدان.

فقد تحولت سفارات إيران في القارة العجوز في الآونة الأخيرة إلى أوكار دعم لوجستي لخلاياها وأذرعها الإرهابية؛ بغية تنفيذ مؤامرات لخدمة نظام طهران على المستوى الدولي، أبرزها تشويه سمعة أطياف المعارضة في المهجر والتجسس على نشطاء بارزين، وفقا للمجلس الوطني للمقاومة الإيرانية.

وكانت السلطات الفرنسية، قد أعلنت نهاية يونيو إحباط مخطط لتفجير مؤتمر سنوي حاشد يقام في العاصمة باريس، ويضم الآلاف من المعارضين الرافضين لسياسات طهران إقليميا ودوليا، فضلا عن شخصيات دولية بارزة.

واتهمت السلطات الفرنسية، في أكتوبر وزارة الاستخبارات الإيرانية بالتورط في تنفيذ المخطط، الذي جرى إحباطه، في الوقت الذي جمدت باريس لاحقا أصول إدارة الأمن الداخلي في دائرة استخبارات بسفارة إيران لديها، وكذلك قامت بطرد دبلوماسي إيراني -لم تفصح عن هويته- متورط بالتجسس داخل أراضيها.

وطالب وزير الخارجية الفرنسي جان – إيف لودريان، بضرورة التعامل بشكل قوي مع إيران نتيجة تلك الحوادث الإرهابية، قبل أن تغلق فرنسا مركز جمعية الزهراء التابع لطهران لمدة 6 أشهر، وتجميد أصوله، بتهمة “نشر التطرف والإرهاب” في أوروبا . ويواجه أسد الله أسدي، الدبلوماسي الإيراني المتورط بالتخطيط لهجوم باريس الفاشل، الذي أسقطت النمسا (وسط أوروبا) حصانته الدبلوماسية، اتهامات تتعلق بتورطه في التخطيط لاستهداف مؤتمرالمعارضة بعد تسليم كمية تقدر بـ500 جرام من المتفجرات داخل حقيبة، إضافة إلى جهاز تفجير لزوجين إيرانيين مواليين لنظام طهران يقيمان في بلجيكا (غرب أوروبا)، حيث يقبعان رهن الاعتقال أيضا .

وأسدي كان يعمل في منصب استخباراتي داخل سفارة طهران لدى النمسا منذ أغسطس 2014، أما الزوجان المعتقلان في بلجيكا، فهما أمير سعدوني ونسيم نومني المقيمان في مدينة أنتويرب البلجيكية.

هذا فيما لم تهدأ فضيحة المخطط الإرهابي الإيراني في باريس، حتى كشفت الدنمارك عن واقعة إرهابية جديدة لطهران لاغتيال معارض بارز على أراضيها.

وأعلنت الدنمارك، منتصف أكتوبر الماضي استدعاء سفيرها في إيران، كما توعدت طهران بفرض عقوبات نتيجة التخطيط لهجوم إرهابي ضد معارض إيراني في البلاد، فيما اتهمت وزارة الاستخبارات الإيرانية بالتورط في هذا الهجوم الذي أحبطته سلطاتها.

وأكدت شرطة كوبنهاجن أن نرويجيا على صلة بإيران اعتقل في 21 أكتوبر الماضي للاشتباه في تورطه بالمخطط الفاشل على أراضيها، بينما أعربت 5 دول إسكندنافية “النرويج، والسويد، والدنمارك، وفنلندا، وأيسلندا” مطلع نوفمبر، عن قلقها الشديد بسبب إرهاب طهران.
واعترافات طهران الصريحة بالسعي لتهديد أمن بلدان القارة الأوروبية وغيرها من الدول، جاءت على لسان يحيى رحيم صفوي، مستشار الشؤون العسكرية للمرشد الإيراني علي خامنئي، مطلع سبتمبر.

ونقلت وكالة أنباء “مهر” الإيرانية عن صفوي، القائد السابق لمليشيات الحرس الثوري، خلال كلمة له بمؤتمر لتكريم عدد من مقاتلي الحرب الإيرانية – العراقية “1980-1988″، توعده، باستهداف من وصفهم بـ”أعداء الثورة” برا وبحرا وجوا خارج حدود بلاده، وكذلك ما وراء البحار، في إشارة واضحة إلى المعارضين خارج البلاد.

وكانت المقاومة الإيرانية قد كشفت في أغسطس الماضي عن اجتماعات بين قاسم سليماني قائد مليشيا فيلق القدس التابعة للحرس الثوري، ومحمود علوي وزير استخبارات طهران، بهدف التخطيط لاستهداف فعاليات المعارضة بالخارج، ولا سيما في دول أوروبا.

وتحمل وسائل إعلام أوروبية إيران مسؤولية اندلاع الحرب السورية، وبالتالي هروب ملايين الأشخاص كلاجئين إلى شتى أصقاع القارة العجوز، خاصة أن آخر تهديدات طهران لأمن الأوروبيين جاء على لسان الرئيس الإيراني حسن روحاني.

*دكتر سنابرق زاهدي مسؤول لجنة القضاء في المجلس الوطني للمقاومة الإيرانية