نجيب غلاب يكتب :
انتفاضة ديسمبر حركت مفاعيل الالتحام الوطني
شكلت انتفاضة الثاني من ديسمبر تحولا حيويا في معركة الجمهورية، ووضعت الحوثية أمام معضلة بلا أفق أين ما اتجهت، وأصبحت عارية أمام الداخل والخارج.
فقدكشفت هذه الانتفاضة صورة الحوثية العنصرية وعجرفتها وارتباطاتها الإيرانية العميقة وباتت تتجاهلها القوى الخارجية في مسار مصالحها طويلة الأجل وتوظيفها يراه الشعب عمل عدائي ضد مصالحه.
وتمكنت جماعة ديسمبر من تقديم عملية نقدية لأدوارها ما قبل الانتفاضة بشجاعة توحي بالقدرات الفذة لحركيتهم التي أصبحت في قلب المواجهة مع التنظيم الإمامي العنصري وشبكاته، ومثلت اندفاعة متميزة بروح وطنية ملتزمة بأهداف المعركة، فضلا عن كون نقلات التجاوز والحسم تبعث حيوية في مسار الحراك الوطني العام.
كما شكلت انتفاضة الثاني من ديسمبر سياقا شاملا لاستعادة الجمهورية، وكان لها عمقا اجتماعيا في المدن ومحافظات الوسط وفي المجال القبلي.
وجاءت انتفاضة حجور في سياقها الاجتماعي الحيوي، وردعا للظالم باتجاه إجتثاث سيطرته وتأثيره، ومضمونها الجمهوري عميق وأصيل؛ وهذا ما يجعل تأثيرها يتحرك في شرايين الحراك الوطني العام.
وبعد الثاني من ديسمبر أخذت المعركة لدى الكبار أفقها الوطني الشامل، وتحركت مفاعيل الالتحام الوطني ميدانيا عبر تحولات مهمة.
فمثلا معركة الساحل أندمج فيها الجنوب بالتهامي وبالوسط وبالشمال عبر مسار وطني ذي عمق اجتماعي وثقافي متحيز للجمهورية، وبذلك بدأت ملاحم التواصل داخل الحراك الوطني تأخذ عمقا جديدا.
إن الإضافة النوعية والجذرية لجماعة ديسمبر في المقاومة، شكلت أهم المتحولات الجذرية والتي سيكون لها مفاعيلها القاصمة للحوثية، ليس فقط سياسيا بل اجتماعيا وإعلاميا وعسكريا وأمنيا.
إنها نقلات وتحولات ستستمر في مسار المقاومة الوطنية، وننتظر حراكا اجتماعيا واسعا وليست حجور اليوم إلا الأمل وبارقة نور.
ويمكننا رصد هذه المتحولات التي أحدثت تحولا جذريا قاصما للحوثية :
-عاصفة الحزم
-تحرير عدن
-التشكيلات العسكرية وإنجازاتها الميدانية
- الثاني من ديسمبر
- معركة الساحل
-ملاحقة الارهاب
و لا شك أن التحولات الاجتماعية التي تؤسس لها المقاومة الوطنية جذرية؛ فمحافظات الشرق تندمج بالوسط وتترابط الجغرافيا بطريقة مغايرة للتقاليد التي أسست لها الذهنية الإمامية وتتراكم عمليات الإندماج الوطني في جغرافيا اليمن.
وسنجد حجة من خلال حجور مثلا تلتحم بالوطنية التهامية التي تندمج بالجنوب وحجة.
وبناء عليه سيكون التحول القادم انتفاضات قبلية وسياسية بمضمون اجتماعي وحقوقي وسياسي، وحجور بداية النور ولكن نجاح ذلك مرتبط بحيوية الشرعية والتزاماتها.
إن مزاج القبيلة في حجة كجغرافيا جبلية مرتبطة بالساحل يجعلها أكثر حيوية في مواجهة الحوثية من منظور اجتماعي وجغرافي ومن حيث المصالح مقارنة بالعمق القبلي الآخر في وسط صعدة وجنوبها وشرقها.
وفي نهاية الأمر فإن الحوثية أصبحت كارثة مكتملة الأركان على مجموع المجال القبلي الشمالي عموما.
لذلك فإن انتفاضة حجور تأتي في سياق دفاع الشعب اليمني عن نفسه أمام الاعتداءات الحوثية التي لم تكتف باختطاف المؤسسات، ونهب الأموال، وسوق سوداء تمتص دماء اليمنيين، بل تعمل ليل نهار على إذلال وإخضاع الناس بالقهر والقمع وتشويه الوعي وتدمير التقاليد اليمنية الأصيلة.
ولهذا فإن حجور ستكون بداية لانتفاضة قبلية واسعة.
وحدها العقول الصغيرة المخنوقة بالأحقاد لم تستوعب بعد مفاعيل انتفاضة الثاني من ديسمبر والحراك السياسي والاجتماعي والعسكري والأمني الذي انبثق من طبيعتها وتضحياتها.
والعمل الوطني المقاوم ليس صندوقا مغلقا بجماعة أو فئة أو منطقة إنما هو عملية تراكمية وأفق واسع عموده أهداف الحركة الوطنية اليمنية.
وعادة الحركات المغلقة المستندة على صناعة الأوهام لخلق تماسك في بنيتها لا تقترب من أخطائها وفشلها ودورها في إعاقة الإنجازات المفترض حدوثها، وتتعامل مع عدو عدوها كعدو، ويصبح الصديق عدو والعدو يتم تجاهل أخطائه ويتم تسويق إنجازاته عبر دعايات تستهدف من يقاتله تبريرا للفشل بطريقة خرقاء.
ختاما .. البعد الاجتماعي في مواجهة التنظيم الإمامي العنصري وأيديولوجيته الخمينية، أهم مرتكزات الصراع في الفترة القادمة.
وتنمية الحراك الاجتماعي عبر تفعيل دوره المدافع عن النفس والوطن والمستقبل ، مهمة يتحمل عبئها الجميع بلا استثناء.
وسيكون تفعيل البعد الاجتماعي الطريق لتحولات عميقة في معركة معقدة.