نجيب غلاب يكتب:

نزاعات ثانوية عدمية تفكّك وحدة الصف الوطني

عندما أتابع النزاع على رمزيات فارغة لا القضايا المركزية بين التيارات الوطنية الجمهورية، أقول لنفسي لماذا يكررون الأخطاء؟

لقد تمكن الحوثي منهم جميعاً، سابقاً، وهو على وشك السقوط وهم يتنازعون لتخليق صراعات عدمية لا معنى لها في مسار المعركة.

أهم عوامل استعادة عاصمتنا ومحافظاتنا ومؤسساتنا المختطفة وإنقاذ اليمن، دولة ومجتمعاً، محورها في وحدة الصف الوطني وإنهاء التناقضات السلبية والصراعات العبثية والتركير على أهداف الحركة الوطنية وطموحاتها في الحرية والتنمية والمواطنة المتساوية.

لنكن كتلة موحدة لتسريع عوامل انهيار الحوثية.

لم تعد ذات أهمية الصراعات العبثية التي تستند على صراعات الماضي، ولم يعد الحديث عن أي أخطاء هذا التيار أو ذاك إلا نكأً للنزاعات التي أوصلت البلاد إلى خسائر تتراكم يومياً.

لدينا معركة استرداد الجمهورية من مخالب الكهنوتية الطغيانية، هذا هو المشروع الحاكم، وفي ذلك فليناقش المتنافسون.

لكن، للأسف، نستمر في صراعات عمياء عوجاء وأطماع بلا أفق، وهناك من يسأل لماذا لم نتمكن من مواجهة التيار الإمامي العنصري، ولم ننجز أهداف المعركة؟ بينما ما زال كل طرف يصارع نفسه والآخرين، وغير قادرين يحددون طبيعة الخطر ومتطلباته، ومحترفون في خلق المشاكل والنزاع، ومعه تنمو ذهنية العداء المستحكم كسرطان قاتل، ومن ثم يرمون أخطاءهم على من يساعدهم!!

شتات ولا أفق وتناقضات تتناسل وكل طرف يلاحق الآخر، وكل منطقة مسجونة بتحيزاتها وثأراتها وانتقاماتها وأحقادها وطموحات متفرقة هنا وهناك وولاءات في كل اتجاه.
تبدو الحركة الوطنية كفسيفساء مشوهة متنافرة.. يتآكلون في فرقة عمياء ويتجاهلون الخطر وينسجون مخاطر ثم يقاتلون طواحين الهواء.

الحوثية مستنفرة ولم تهجع حتى ساعة وهي تدافع عن مشروعها من بداية إعلان تمردها حتى اللحظة وعملياتها التعبوية مركزة على هدفها وإنجاز أهدافها.

وقوى الحركة الوطنية لا وظيفة لها غير إدارة معارك لتفكيك نفسها وهدم وحدة الصف الجمهوري وتخريب الإجماع ونزاعات في كل اتجاه وصراعات عبثية عوجاء.

التضليل المكثف والمستمر الذي ينتجه الصف الوطني المعادي لطغيان الحوثية لتبرئة الذات وإدانة الآخر لم تعد وظيفته عملياً غير مراكمة الخسارة الجماعية لكل الأطراف لصالح الحوثية ويخلق إعاقات قاتلة لا تمكننا من تصحيح الأخطاء.

كبح جماح الغوغائيات وضرب الطابور الخامس من مرتكزات النصر.

إن الخروج من معضلة الإدانات المتبادلة داخل الصف الوطني وهو يواجه معركة مصيرية لإنقاذ بلادنا يتطلب الآتي:
- مبادرات وطنية متحركة للملمة الشتات وتصفير الصراعات السلبية.
- التركيز على أهداف المعركة والخروج من اصطفاف المحاور الإقليمية.
- مواجهة الحوثية وداعميها أياً كانوا. 
- العودة إلى المجتمع.

لم يعد مطلوباً اليوم إدانة أي كان في الصف الوطني المعادي للطغيان الكهنوتي للحوثية ومشاريعها التدميرية، ولا فائدة من ذلك ولا نفع وإنما إعاقات، والاستمرار في تنفيذ مخططات الحوثية.

هذا الانخراط الأحمق في الإدانات المتبادلة استمرار لعمليات الهدم للذات الجمهورية.. احذروا الطابور الخامس.

لقد كانت الحوثية واضحة منذ بداية تمردها في سعيها لإنتاج ثورة لتصفية جمهورية 26 سبتمبر و14 أكتوبر وكل قواها في الوقت نفسه، وسعت إلى إنجاز مهمتها بكل الممكنات، وكان محور ارتكاز عملها السلاح واستغلال صراعات الصف الجمهوري وتناقضاته.

لذلك فإن توحيد الصف أولوية ومرجعية سبتمبر وأكتوبر كمركز جامع للوعي الوطني.

اليمن الدولة الوحيدة التي تحرك التغيير بمسارين مختلفين كلياً، فقد تحركت الساحات واقعاً بين مشروعين متناقضين جذرياً بين كهنوت سياسي طغياني وجمهورية الحرية والأخوة والعدالة.

والصراع لن يتوقف وكلما طال أمده تغيرت تركيبة القوة باتجاهات التغيير الجذري لصالح قيم الجمهورية وقواها الفاعلة.

الوصول إلى الفوضى الشاملة في اليمن كان المسار الطبيعي، فالتغيير كان يسير باتجاهين متناقضين جذرياً، كما أن إسقاط النظام في دولة هشة وموارد محدودة واقتصاد ضعيف وولاءات متشابكة ومتعددة وتناقضات رأسية وأفقية كل ذلك ما كان له إلا أن ينتج حرباً أهلية والتدخل الخارجي أيضاً كان الضابط الإجباري.

لقد سقط نظام صالح بمجرد انقسامه بين مؤيد للثورة ومتمسك بالدستور.
وتمكنت قوى فبراير من إسقاط النظام، وأصبحت المتحكم الفعلي بمسار النظام بما في ذلك ردود فعله.. كان انتصارا كاسحا من البداية.

والآن نحن في طور الحسم لصالح الجمهورية بين طرفي الساحات وقوى نظام صالح مع جمهورية الشرعية.

من ناحية عملية تمكنت جماعة فبراير من تحقيق هدفها في إسقاط النظام وهي اليوم الحاكم الفعلي لليمن، لم يبق من نظام صالح أي تأثير فعلي داخل الشرعية وداخل الانقلاب.

القوى التي شكلت الساحات هي من تحكم وأصبح الانقسام اليوم بين دولة الجمهورية تمثلها الشرعية وكهنوت سياسي يسعى لتصفية الشرعية.

لم يتم إدخال الحوثية الساحات بل دخلت كالآخرين ولها مشروعها الخاص، وكانت قد أعلنت تمردها على النظام قبل ذلك بالسلاح في حروب متقطعة مع الدولة.

ولم يكن أحد في الساحات قادراً على صدها بفعل الصراع المركب والتناقضات والإلحاح على إسقاط النظام.

فهم الواقع مهم في معركة كسر الكهنوت السياسي.