د. علوي عمر بن فريد يكتب لـ(اليوم الثامن):

عندما أضاع صبية الجبهة القومية الجنوب العربي !!

قال السفير السابق محمد العبادي :

" في 11 فبراير عام 1959م في إطار رؤية مستقبلية تقدمية عبقرية تشكل الاتحاد الفيدرالي للجنوب العربي .. هذا المشروع الرائع تعرض للتشهير من أعداء الجنوب ، ولم تستوعب أهميته النخب الجنوبية ..أو تدافع عنه .
الإمارات وماليزيا التقطت الفكرة وطبقتها ونجحت ..أما نحن تدحرجنا إلى الهاوية .!!ّ!ّ

ليسمح لي سعادة السفير العبادي وان اختلفت معه في بعض ما قاله:

- تأسس اتحاد الجنوب العربي عام 1959م في ذروة غليان ثوري أعمى شمل الساحة العربية كلها من تطوان حتى البحرين ،وتفجر بركانه منذ العدوان الثلاثي على مصر في حرب السويس عام 1956م ،
- توج ذلك كله بحرب التحرير الجزائرية ، وانقلابات سوريا المتكررة ،وانقلاب العراق بقيادة عبد الكريم قاسم على الملكية في العراق ، والوحدة المصرية – السورية ، وتصاعد ذلك المد الثوري بحملات صوت العرب الإعلامية ومديرها أحمد سعيد ضد الأنظمة العربية المعتدلة مثل : السعودية والمغرب والمملكة اليمنية ،واتحاد الجنوب العربي ،وسلطنة عمان .. والدعوة إلى الثورة العربية من المحيط الهادر إلى الخليج الثائر كما كان ينادي بها صوت العرب !!

- رغم تلك الحملات المضللة إلا أن حكمة وحلم حكام تلك الدول العربية صمدوا أمام تلك العواصف الثورية ،بما فيهم حكام الجنوب من سلاطين وأمراء فقد استوعبوا مشروع إقامة الاتحاد الفيدرالي الذي طرحته بريطانيا والذي تبناه بحماس حزب المحافظين البريطاني كأساس لدولة الجنوب عند الاستقلال رغم معارضة بعض الأحزاب السياسية التي كانت تدور في فلك القاهرة أو بعض العواصم العربية التي هبت عليها الانقلابات !!

- رغم كل حملات التشويش تم تأسيس الاتحاد عام 1959م بداية من 6 إمارات هي : إمارة بيحان ، السلطنة الفضلية، سلطنة يافع السفلى ،إمارة الضالع ، سلطنة العواذل ، مشيخة العوالق العليا.. وتعتبر هذه الإمارات الست هي المؤسسة الحقيقية للاتحاد وسرعان ما انضمت إليه باقي الولايات الغربية بما فيها عدن ، أما سلطنات الكثيري والقعيطي والمهره فقد بقيت خارج الاتحاد حتى الاستقلال !!
- عند انقلاب 26 سبتمبر عام 1962م بقيادة الجيش اليمني والإطاحة بالملكية التي سرعان ما استعانت بالقبائل اليمنية التي توزعت الأدوار فيما بينها تحت شعار : "بالليل ملكي وبالنهار جمهوري " منذ البداية ضد النظام الجمهوري المعلن وتدخل القوات المصرية في اليمن ، وحينها هبت بعض القبائل الجنوبية لنصرة الثورة في صنعاء ، وقامت القوات المصرية التي كانت مهيمنة على اليمن الجمهوري الجديد ودجنتها ومدتها ببعض الأسلحة والعتاد ونقل القلاقل إلى الجنوب مع علم تلك الدوائر الاستخباراتية عن موعد جلاء القوات البريطانية من الجنوب .. ولكنها أرادت تصدير القلاقل لها عبر الجنوبيين نكاية ببريطانيا !!

- قام المصريون وأدواتهم في صنعاء باستغلال بعض العناصر الجنوبية الفارة من الجنوب على خلفية سوابق تلاحقهم قضائيا وبعض العناصر الموتوره ووظفتهم في جهاز الدولة الجديدة في صنعاء خارج تخصصاتهم مثل قحطان الشعبي وشلة من الشبان الجنوبيين المراهقين المفتونين بالثورات في العالم الثالث ، كما فتحت لهم مكتبا في تعز يرفع لافتة : "الجبهة القومية لتحرير الجنوب اليمني المحتل " لأول مرة تتضمن صراحة يمننة الجنوب العربي وأدخلت في التنظيم الجديد العنصر اليمني سواء من كان منهم في عدن سرا والبعض في تعز علنا !!.

- في العام 1963م انتشر التمرد في ردفان ثم امتد إلى عدن وفي ظل حزب العمال البريطاني الذي فاز في الانتخابات البريطانية وفر التسهيلات للجبهة القومية سرا لنقل العمل المسلح إلى قلب عدن وتصفية القيادات الوطنية المنتمية إلى الرابطة وجبهة التحرير نكاية في مصر والسعودية وبعض القيادات الوطنية والعمالية لتنسحب بريطانيا بسلاسة وهدؤ تامين .

- ترافق ذلك بحملات إعلامية مغرضة تشوه اتحاد الجنوب العربي وتصور سلاطين الجنوب بأنهم عملاء وأذنابا لبريطانيا ..والحقيقة أنهم هم من تفاوض وحدد موعد استقلال الجنوب على أن يكون في العام 1968م وساهم في ذلك رابطة الجنوب العربي في الأمم المتحدة.

- رغم نجاح اتحاد الجنوب العربي في تأسيس دولة حديثة والحكم المحلي لكل ولاية إلا أن حكام الجنوب قد فشلوا في اختيار رئيسا للاتحاد ، وكانت الرئاسة دورية بينهم ، كما أن بريطانيا أوعزت إلى الجيش والأمن بالانحياز إلى جانب الجبهة القومية و كانت تلك التحولات بمثابة القشة التي كسرت ظهر البعير !!

- وختاما وللتاريخ نقول إن الجنوب العربي قد ضاع منا وخسرناه كدولة ذات سيادة ليس في حرب 1994م بل ضاع منا على أيدي صبية الجبهة القومية المراهقين عند تأسيسها عام 1963م !ّ!ّ
وللحديث بقية في الحلقة الثانية والأخيرة

د. علوي عمر بن فريد