شيماء رحومة تكتب:
مهمة اختيار حذاء
لم يعد يشغلني البحث عن شريك مناسب ما دام الأمر خرج عن يدي، وصار هاجسا يتصدر مشاغل رواد مختلف منصات التواصل الاجتماعي، الباحثين عن وصفة سحرية تزرع بطريقي عريسا فقط في أيام قلائل!هل ستكون النتائج مضمونة مئة بالمئة لو أنني جرّبت “رش القرفة” لتحقيق زواج سريع وسعيد؟ كان من الممكن ذلك لو أن هذه الوصفة الدنماركية لم تكن خاصة فقط بشخص في سن الـ25، لكن ماذا لو استبدلت القرفة بالكمون والزعفران، فهل ستتحقق نبوءة أحد مستخدمي فيسبوك؟من المؤكد لو أنني حاولت التوغل في فولكلورنا أيضا فلن أعدم حلا فحسب بل حلولا، حتى أنني أذكر وصفة مصرية لا تتطلب سوى التوشح بفستان أسود فضفاض أكنس بأطرافه ضريح ولي صالح، على اعتبار أن هذا الفعل من شأنه سداد ديون المرأة التي تفعل ذلك لتزويج بناتها، مرددة “يا سيدي العتريس هات العريس”. ويبقى صوتها عالقا بفضاء المقام يتردد صداه في أرجائه دون أن يبلغ مسامع العريس!ماذا لو تحولت فكرة المطعم التونسي الطريفة التي أثارت ضجة قبل عيد الحب لأنها في سابقة فريدة من نوعها أرادت مساعدة غير المرتبطين من الذين لا يرغبون في قضاء عيد العشاق بمفردهم، بتأجيرهم شريكا، إلى عرض قائم الذات طيلة الوقت! قد يستفيد منها المرء بقضاء بعض الأوقات الرائقة برفقة حبيب مزيّف لا يكاد يختلف في زيفه عن محبي هذا الزمن وتقلباته!لكن التكنولوجيا بوصفها وسّعت نطاق خدماتها بيننا واجتاحت حتى الصغائر من خصوصياتنا، فإنها لم تقف مكتوفة اليدين، بل دخلت مضمار السباق مستميتة بكل أسطولها لمساعدة الفتيات على إيجاد شريك حياة مناسب بكل السبل، ومن يدري قد تنجح، لمَ لا؟وكان آخر هذه المحاولات، التي لا تكاد تنضب، قد جاءت على يد شركة سامسونغ الكورية الجنوبية، حيث أطلقت، قبل فترة قصيرة من موعد الاحتفال بعيد الحب المنقضي، تطبيقا ذكيا يربط بين “الطعام والحب”.وتتمثل مهمة هذا التطبيق في فحص الأطعمة داخل الثلاجة، ثم البحث عن هواة الأطعمة نفسها عبر مواقع التواصل الاجتماعي، قصد الجمع بين “رأسين في الحلال”، وبالتالي فإنها من المرجح أن تنجح إلى حدّ ما في تطبيق المثل القائل “أقرب طريق إلى قلب الرجل معدته”، وتُصادق بذلك على رغبة بعض مستخدمي فيسبوك الذين نادوا باستبدال عيد الحب بالأكل موزعين بين صفحاتهم هذه العبارات “لماذا لا يبرمجون عيدا للأكل.. نقصد فيه المطاعم ونأكل بالمجان.. بدل عيد الحب وقلة الأدب”.طبعا سامسونغ تسقط من حساباتها مثل هذه الشعارات ولا أظنها خطرت على بال مطوريها حين ابتكروا هذا التطبيق.وحتى لا تقع الفتاة ضحية هذا الزحف التقني الذي نقل التعارف إلى فضاءاته الإلكترونية، فإن هذا المجال التكنولوجي يحاول حماية مستخدميه حتى من نفسه الأمّارة بالسوء، حيث طور باحثون بجامعة ووريك البريطانية برنامج ذكاء اصطناعي لكشف الملفات الشخصية المزيفة والوهمية في مواقع وتطبيقات التعارف.ومن يدري قد تقدم التكنولوجيا أيضا وبعد بضع سنوات قريبة غير بعيدة حلا لسندرلا هي الأخرى، التي ارتأى العقل الناقد لنشطاء على الصفحات الاجتماعية أن يضع لهذه الشخصية الخيالية الشهيرة خاتمة مختلفة عن النهاية السعيدة المتعارف عليها حول العالم، والتي وسمت أغلب القصص القديمة “تزوج الأمير الفتاة البائسة وعاشا في سعادة وهناء وأنجبا البنين والبنات”.وجاءت الرواية العربية القافزة على البعد الخرافي للقصة على لسان طفلة تحاور والدتها بتصرف حسب نظام الفوتوشوب متسائلة “ماما ماذا حدث بعد أن عثر الأمير على فردة حذاء سندرلا”؟ فتجيب الأم في الحين “تزوجها”.لا تكتفي البنت ولا تقتنع بهذه النهاية المفتوحة فتطرح سؤالا جديدا “وما الذي حصل بعد زاوجهما”؟ تقول الأم من فورها “صارت سندرلا تضرب نفسها بالفردة الثانية”.لا أظنني إذن بحاجة إلى رش القرفة ولا ماء الزهر، بل اختيار حذاء لا يؤلم وبمقاس معقول!