سعيد عبدالله يكتب:
معارك في خدمة المرشد والفقيه.. توهان الشمال
الشمال تائه عن الوصول لنقطة الوجع الحقيقية.
يتحاشى مواجهة الحقيقة.
تنهب تركيز الناس فيه عن ملامسة المشكلة جماعتان تتبنيان ذات العقيدة السياسية الدينية (حكم المرشد)، وهذه العقيدة هي الإمامية وإنْ بلباس الجمهورية الإسلامية.
وهذه العقيدة، أيضاً، هي المرض والوجع الذي يلتهم الشمال ويتقاسم الفرعان الإماميان السيطرة على عقول الناس وتوجيه تفكيرهم لزوايا بعيدة عنهما.
هل يمكن أن تهزم مشروع الولاية العالمية بمشروع الخلافة العالمية؟
لا يمكن أبداً.. هذان المشروعان هما صيغة فوضى ودم لا يتوقف عندما يلتقيان في أرض ولا يهزم أحدهما الآخر.. وإن حدث مجازاً وانتصر أحدهما على الآخر فإن المحصلة هي حكم المرشد المتأله الذي يقول إن الله عهد إليه بالحكم والسلطة والفتوى والنفوذ والقضاء ولم يعهد لغيره.. وغيره منافقون أو كفار مرتدّون.
هذا الطرفان الإماميان هما سبب هذا التيه والضياع في الشمال، وهما مسيطران حتى على نخب غير إسلامية يسارية وقومية، إما بمخاوف الوطنية والسيادة والوحدة مع الجنوب، وإما بالترهيب والخوف الفطري، أو بالمال والمصالح الذاتية.
الطرف الوطني المحرَّر من سطوة الإماميتين في الشمال ضعيف ومحاصَر بالتكفير وتهَم العمالة أو مثقل بميراث فساد عهد الجمهورية في صنعاء التي كانت جمهورية إسلامية غير معلنة.
سيعرف الشمال طريقه للخلاص إن تكون فيه جيل وطني جديد كافر بالإمامية بفرعيها ورافض لحكم المرشد المتأله ولو تلبّس بألف لباس جمهوري للخداع.
أما من يقبل جمهورية حسن البنا الإسلامية ويظن أنه سيهزم بها جمهورية الخميني الإسلامية، أو يعتقد أن إحدى الجمهوريتين أقل ضرراً من الأخرى، فهو واهمٌ، وسيظل يدور في حلقة الإمامية المفرغة، وسيبقى رهينة بيد الطرفين الإماميين.
أهم درس من الحالة الشمالية يجب أن يكون من نصيب الجنوب، وهو يقول، ببساطة، القبول بحكم المرشد الإخواني يعني القبول بالإمامية، تلك هي الحقيقة، ولم يتغلب الجنوب على إمامية الخميني إلا عندما انفصل عن إمامية البنا والقرضاوي.
وأن أي ضعف في تعزيز الابتعاد عن إمامية الإخوان ستقود الجنوب لإمامية الخميني ومنها للفوضى الدموية التي لن تتوقف.
ما قبل الإسلام.. أنموذجاً للتوهان
شخص واحد من الهاشميين في الشمال استطاع سحب النخبة المثقفة الشمالية إلى نقاش وجدال حول سبأ وحمير وعهد ما قبل الإسلام، نعم عهد ما قبل الإسلام وليس أقل من ذلك.
إشغال ذكي واستجابة غبيّة. قال كنتم يهود وصولكم يهودية. قالوا لا والله ما يهودي إلا أنت وجدك أبو لهب.
معارك عهود ما قبل الإسلام الآن تتقدم على معارك الحسين ومعاوية في الشمال الشقيق.
وتختفي معارك اليوم وغداً وما يفعل الحوثي وما يرتكب من جرائم وفظاعات وما يجب أن تقوم به النخب في الشمال.
هذه النخب العرجاء والكسيحة إما تعارك في زمن ما قبل الإسلام وزمن الحسين ومعاوية أو المجلس الانتقالي والجنوب وعدن..
محظوظ الحوثي بمثل هذه النخب المثقفة جداً..