د. عيدروس النقيب يكتب :

أبعاد الهجمة على الرئيس هادي

تنامت الهجمات الإعلامية على الرئيس الشرعي للجمهورية اليمنية الفريق عبدربه منصور هادي، لتشمل برلمانيين وقادة رأي وأكاديميين وإعلاميين كانوا حتى وقت قريب يدَّعون تأييدهم لشرعية الرئيس ويشيدون بمنجزاته وأدواره ويبشرون متابعيهم بمزيد منها.
ليس بمقدور متابع أو باحث أو كاتب يحترم نفسه أن يقف موقف الدفاع عن التجربة التي عاشها اليمنيون في فترة رئاسة الفريق عبد ربه منصور هادي لسبب الإخفاقات المتواصلة والتراجعات العديدة والخيبات المتوالية التي لم ينجُ منها إلا القادة الانقلابيون ومعهم القادة الهاربون الذين ظلوا يدعون نصرتهم للشرعية وهم لا يناصرون إلا ما يحصلون عليه من مصالح وامتيازات.
بالأمس سمعت أحد حاملي لقب الدكتوراه يتحدث من على إحدى الفضائيات التي يفترض أنها مؤيدة للواقفين ضد الانقلاب والمتضررين منه، سمعته وهو يتهكم على الرئيس هادي ويصفه بأقبح الأوصاف وينسب إليه كل الويلات والخيبات والمصائب التي حلت باليمنيين، ويأخذ عليه أنه ابن النظام (السابق) وأنه رئيس غير شرعي لأنه صعد بالاستفتاء وأنه يقرب منه الفاسدين ويرقي غير الأكفاء والمزورين، وقبلها بيومين تداول ناشطو التواصل الاجتماعي رسالة تهكمية بلسان أحد القادة الحزبيين ممن يفترض أنهم يؤيدون شرعية الرئيس هادي وصف فترة حكم الرئيس بالسبع العجاف ولوح بأن الشعب اليمني سنتفض ضده إذا لم يسيطر على ما اصطلح على تسميته بـ"المناطق المحررة" والمقصود هنا محافظات الجنوب.
ربما يكون الكثير مما ورد في أحاديث المتحدثين صحيحا وينطبق على فترة حكم الرئيس هادي، لكن حصر كل ذلك في شخص الرئيس لا يحمل إلا مدلولات خطيرة تتصل بتوجه أطراف سياسية نافذة لإحداث تغيير جدي في بنية المعادلة السياسية قد تشمل الاتجاه نحو التخلص من شخص الرئيس هادي والبحث عن بديل يستطيع النافذون من خلاله تمرير المزيد من الأجندات والتوجهات التي قد يكون الرئيس بخل معهم في بلوغها رغم أنه ظل وما يزال معهم أكرم مما ينبغي.
هل أخطأ الرئيس هادي؟
لا يمكن تبرئة الرئيس هادي من الكثير مما يعتمل في البلد من عواصف ومتغيرات وما ترتب عليه من نتائج مأساوية، لكن القول بأنه المسؤول الأوحد عن كل هذه اللوحة القاتمة السواد هو قول يخفي ما تحدثنا عنه من أهداف غير معلنة، لأن الكل يعرف أن الرئيس ظل متكئا على تحالف عريض تتحكم فيه مراكز قوى معروفة بارتباط قادتها بكل عيوب ومفاسد وجرائم عهد صالح، وأنه (أي الرئيس هادي) ظل وما يزال محكوما بضغوط وابتزازات تلك القوى وهيمنتها على صناعة القرار، لكن بدا واضحاً أن هؤلاء ظلوا يأكلون الثوم بفم الرئيس هادي، كما يقول المأثور العربي.
الخطأ الكبير الذي وقع فيه الرئيس هادي هي قبوله برئاسة بلد ، يحس أهلها بأنه لا ينتمي إليها ويتعامل معه نافذوها على أنه منتدبا فيها، وسط جمهور ليس من جمهوره وأهل غير أهله، وجغرافيا غير جغرافيته، وفي هذا السياق يأتي المن عليه بمقولة "نحن من جعلك رئيس جمهوية" وابتزازه ببعض الفتات من ثمار الفساد التي يحصل عليها بعض المقربين منه والمحسوبين عليه، والغرض من هذا الابتزاز هو إما تمرير المصالح التي يسعى لها المبتزون وإما الانقلاب على الرئيس والتخلص منه.
"وإنَّ غَداً لناظرهِ قَريبُ"