د. علوي عمر بن فريد يكتب لـ(اليوم الثامن):
صرخة في وجه المجلس الانتقالي الجنوبي
صرخة بل صرخات عديدة أطلقها العقلاء والحكماء من رجال الجنوب قبل نصف قرن وتحديدا منذ انفجار ثورة اليمن عام 1962م وارتداداتها المدمرة على الجنوب ولكنها ذهبت أدراج الرياح يسمعها الناس ولا يكترثون لها ولا لعواقبها !!
نقطة ضعف الجنوب أنهم منذ القدم متفرقون تتحكم فيهم الفرقة والشتات ..ممزقون إلى قبائل متناحرة ومناطق متباينة لا توجد لهم تاريخيا حكومة مركزية واحدة ولا رؤية واحدة !ّ!
والنقطة المضيئة لهم في التاريخ الحديث والتي جمعتهم في كيان واحد هي تجربة اتحاد الجنوب العربي !!
الكيان الديمقراطي الذي جمع كافة الإمارات والسلطنات المتفرقة في كيان واحد ولكن لم يكتب لها الاستمرار بسبب هبوب رياح الثورة العربية التي عصفت بالكيان ألإمامي في اليمن ومن ثم التدخل المصري الذي تدخل لنشر النفوذ الناصري المتدثر بالقومية العربية وتسويق أهدافها ومبادئها في كافة الأقطار العربية !!
فانساق الغالبية من الجنوبيين خلف تلك الشعارات وصدقوها وساروا في الطريق الخاطئ وثاروا ليس ضد الانجليز فحسب بل ضد حكامهم التاريخيين و كبارهم وحكمائهم وعلمائهم ودمروا أركان كيانهم الذي وحد مجتمعاتهم و جماليات واشراقات ونهضة الجنوب في سنوات قليلة !!
وقد مر الجنوبيون بتجارب قاسية ومريرة طوال النصف الثاني من القرن العشرين ولا زالوا يسيرون حتى اليوم في الطريق الخطأ!!
لم يتعظوا من كلما مر بهم من مآسي وحروب داخلية إبان تجربة الحزب الواحد الذي اختزل الجنوب وشعبه في شعار بائس: (كل الشعب قومية)!!
لم يتعظوا من كل المآسي وأعمال الإقصاء والتهميش التي مارسها عليهم الماركسيون أثناء حكم الحزب الاشتراكي وكل ممارساته الإجرامية طوال حكمه !!
ولم يتعظوا من التجربة الوحدوية الفاشلة التي قفز فيها الحزب الماركسي إلى أحضان الحكم العشائري الطائفي في اليمن ودمرت الجنوب !!
واليوم وبعد المواقف النبيلة والشجاعة والمتمثلة بتدخل التحالف العربي لإنقاذ اليمن والجنوب من التدخل الإيراني وبعد التضحيات الجسيمة التي قدمها رجال المقاومة الجنوبية واستشهاد المئات منهم سواء من كانوا في الحراك الجنوبي أومن سائر الفئات الوطنية الأخرى حتى تمكنوا من تحرير الجنوب من جحافل الحوثيين!!!
بعد ذلك كله ..وفوق هذا وذاك لازال الشباب الجنوبي يقاتل الحوثيين في مختلف الجبهات في صعده والساحل الغربي في حين تسلق بعض الوصوليون وتربعوا على قمة هرم المجلس الانتقالي بل وتسللوا إلى الجمعية الوطنية وتجاهل هؤلاء باقي المكونات الوطنية الجنوبية وما زالوا يجسدون سياسة الإقصاء التي كان يمارسها الحزب الاشتراكي !!ّ
وجاء تمثيل بعض المناطق كالضالع مثلا الذي يأخذ نسبة في التمثيل ما يعادل محافظة كاملة وهو لا يعدو كونه مديرية صغيرة !!
كما أن المجلس المذكور يعادي الشرعية.. بل و كل من يخالفهم من الجنوبيين ..كما سعى هؤلاء إلى تشكيل المليشيات من مناطق معينة وأصبح الفرز مناطقي بامتياز ومن قبائل معينة ويمارس المجلس طيب الذكر التفرقة حتى على الجرحى ويمارس الفرز الجهوي حتى على الجرحى ويرمي الفتات لبقية المناطق !!
كما أن عدن أصبحت مستباحة أرضا وإنسانا في ظل هذه الفوضى ويجري ذلك تحت سمع وبصر الانتقالي وما يجري من نهب واستباحة للأراضي بقوات تلك المليشيات التي يغض الطرف عنها.. وهي التي من المفترض أن تحمي المواطن وممتلكاته فأصبحت هي من تنهبه وتدمره وتقوض حياته وهذه الممارسات الإجرامية.. لم يقم بها الحزب الاشتراكي نفسه في عز سلطته وجبروته وهذه الممارسات تذكرنا بالممارسات القمعية والتعسفية التي قام بها حزب المؤتمر الشعبي العام وحزب الإصلاح أثناء اجتياح الجنوب عام 1994م !!
والأدهى والأمر أن المجلس الانتقالي يعيش الوهم ويعتقد أركانه أنهم الممثل الشرعي الوحيد لشعب الجنوب ..وهم يعلمون أنهم تجاوزوا العديد من الأحزاب والمكونات والشخصيات الفذة من رجال الجنوب بل والأغلبية الساحقة من شعب الجنوب الذي لا ينتمي للأحزاب السياسية فهل سيعيدون ما فعله الاشتراكي بالجنوب من جديد؟؟!!
ولا يفوتني هنا أن أشيد بدور بعض الشخصيات الوطنية التي تتحفظ على أداء بعض قيادات المجلس الانتقالي وهي معروفة ومن هذه الشخصيات الشريفة الحرة التي كان لها بصمات في دحر الحوثيين في مناطق الجنوب يأتي على رأسهم الهامة الوطنية الفذة الشيخ صالح بن فريد العولقي وبعض الشرفاء من زملائه في المجلس الذين يتحفظون على التصرفات الفجة لبعض أعضاء الانتقالي!!.
والذين لا زالوا يعيشون في الوهم ولم يتعظوا من تجارب من سبقوهم في المناصب!!
ونسأل هؤلاء اليوم هل يمثل عيدروس الزبيدي وبن بريك الجنوب العربي أم أنهما يمثلان الضالع وحدها ؟؟!!
وختاما نذكر الانتقالي وكافة مكوناته وننصحهم بمراجعة حساباتهم مع الشعب الجنوبي الذي سيكون حاضرا في ساحات النزال عندما تدق طبول الحرب من جديد والتي سيكون له الكلمة الفصل فيها ومن يضحك أخيرا يضحك كثيرا !!
د. علوي عمر بن فريد