د. علوي عمر بن فريد يكتب لـ(اليوم الثامن):

عندما يتحكم في الأرض غير أهلها !!

لفت نظري ما كتبه الأستاذ صالح أبو عوذل عندما ذهب مع صديق له أراد أن يستعين به لاستئجار كشك صغير في مركز عدن مول التجاري وقال : قابلتنا في الإدارة فتاة ليست من أهل عدن ؟؟!!
..وشرحنا لها طلبنا وردت علينا بالقول : إن التأجير متوقف حاليا وان الأولوية للتجار الذين كانوا مستأجرين قبل الحرب وأغلبهم الآن من :صنعاء وإب وتعز وغيرها من المدن الشمالية !!
وقلت لها :إن صديقي هذا يتردد منذ ثلاثة أشهر دون جدوى ..
وإن المستأجرين السابقين الآن تحت سلطة الحوثي ..ولن يعودوا ؟!!
ولكنها رفضت التفاهم معنا ..وقالوا لها : عندما قامت مجموعة هائل سعيد وردمت البحر ..قلنا لا مشكلة ..المهم الأولوية لأبناء عدن ولكنها لم تستمع لنا !!
والجير بالذكر أن صاحب هذا المول قد وفد على عدن في أوائل الخمسينيات من القرن الماضي وهو صبي لا يملك درهما ولا دينارا وأسس ثروته وتجارته في عدن ولكنه ظل يمني الهوى والهوية .. و اليوم يتنكر أبناؤه وأحفاده لأهل عدن.. !!
ومما يبعث اليوم على الأسى أن أبناء عدن الأصليين يسكنون الأكواخ والعشش المتهالكة بعد أن استولى الغرباء من خارجها على أملاكهم في فترة حكم الاشتراكي إبان الموجة الأولى.
أما الموجة الثانية فقد جلبتها وحدة الفيد واغتصبت كل معالم عدن الجمالية بالاستحواذ على الأراضي والمباني وشوهوا مخططاتها العمرانية بالعشوائيات على مداخلها ومخارجها وحولوها إلى مقلب نفايات بالبناء في كل زاوية حتى على الجزر بين الشوارع بل و تمدد البناء حتى داخل الصهاريج الأثرية.!!
ومع الأسف الشديد فقد استبيحت عدن هذه الأيام بعد أن تغيرت
تركيبتها السكانية بعد الاستقلال ...وتدفق الهجرة من المحافظات الجنوبية ثم تضاعفت هجرة الشماليين بعد "الوحدة الميمونة " وتغير كل شيء ديموغرافيا في عدن ..وازداد الأمر سؤ في عدن بعد الحرب مع الحوثي وكثر الناهبون في زمن الفوضى التي تعم عدن اليوم في ظل المليشيات وكانوا أسوأ ممن سبقوهم وبلغت التعديات ذروتها على الأرض والإنسان في عدن وأصبح أبنها غريبا فيها !!
واليمنيون الذين توافدوا على عدن أثناء الاحتلال البريطاني منذ ستين عاماً قد جاءوا أساسا لطلب الرزق وكانوا يعملون في المطاعم والميناء والأسواق التجارية والبيوت ثم استوطن هؤلاء في عدن أيام الاشتراكي ثم تضاعفت أعدادهم بعد الوحدة واستحوذوا على الأرض
وأصبحوا يمارسون سياسة الإقصاء والتهميش ضد العدنيين خاصة وأبناء الجنوب عامة في وطنهم وأرضهم ..وكانت تفرض عليهم تحت الحراب والأسنة أثناء الاحتلال والوحدة القسرية لقوى النفوذ والاستكبار في صنعاء رغم اندحارهم من عدن..ولكن العجب العجاب أن آثارها وارتداداتها لا زالت موجودة حتى اليوم !!
ومن المفارقات العجيبة والغريبة أنهم يعاملون الجنوبي في الشمال بشكل مختلف حتى الذين لجئوا إلى الشمال بعد أحداث يناير 1986م تم منح المواطن الجنوبي بطاقات إثبات هوية ( شخصية ) شمالية لكن كان يتم وضع رمز يوضح أنهم بصفة (لاجئ مقيم ) وهذه البطاقة لا زالت في حوزة الشيخ محمد بن عجرومه حتى اليوم !!ّ
أما من هم من العسكريين "أنصار علي ناصر محمد" كان يتم وضع حرف الباء في بداية الرقم الشخصي لمن هم في المعسكرات .
وكان يمنع اختلاطهم بأفراد المجتمع الشمالي وكان يتم منحهم تراخيص لأيام محددة للخروج من المخيمات الذي حددت لإقامتهم وكان يتم احتجاز أي جنوبي خرج من المخيم لإقامته دون تصريح أو بعد انتهاء تصريحه أما المعاملات التجارية معهم فحدث ولا حرج ..بينما كان يتمتع المواطن الشمالي في جمهورية اليمن الديمقراطية الشعبية بجميع امتيازات المواطن الجنوبي فيذهب أطفاله للمدارس أسوة بالجنوبيين ولهم الأولوية في البعثات الدراسية المدنية والعسكرية .. وامتلكوا مئات المساكن التي أممها الحزب من ملاكها الجنوبيين !!
وكانوا يتمتعون بامتيازات الدولة الجنوبية مثل الجنوبيين ..بل وأكثر .. والتحق عدد كبير من أبناء الشمال في جميع وظائف الدولة الجنوبية دون أي عوائق حتى المناصب الحساسة فالتحق عدد كبير من أبناء الشمال بالجيش الجنوبي والأمن الوطني بل وأصبحوا قادة كبار في الجيش والأمن والدوائر الحكومية في دولة الجنوب .
بل وصل عبد الفتاح إسماعيل إلى رئاسة دولة الجنوب !!
وهذا من طيبة وسذاجة بعض الجنوبيين الذين دغدغوا مشاعرهم واستلبوا عقولهم وكانت وبالا عليهم على شعب الجنوب .
لن ينسى الجنوبيون سجن البيضاء وسجن البشائر الشهيران لاعتقال الجنوبيين .
ومن خرج منهما إما إلى قبر مجهول... أو فاقد لعقله يمشي في الشوارع !!
كانت أسماء الطلبة الجنوبيين ترسل في كشوفات سرية للأمن الوطني يوميا أما الذين يشترون سيارات خاصة كانت أرقام سياراتهم تبدأ من الرقم 15 ألف حتى يستطيع الأمن اليمني متابعتهم !!.
عقال الحارات كانوا يسجلون أسماء كل داخل وخارج وساكن وتسليمها للأمن الوطني .
ضابط شمالي في حرض وصف الجنوبيين بالمواطنين من الدرجة الثالثة فالشمالي يدفع على سيارته القادمة من السعودية 10 آلاف ريال إذا تأخر خروجها من اليمن بينما الجنوبي يدفع 27 ألف ريال وقد تصل الغرامة إلى 300 ألف ريال يمني لمن تأخر في عودة المركبة إلى السعودية !!
واختم بقول أحد شباب عدن:
"عدن هبة ربانية يسودها الحب والرحمة وكانت عدن محطة لاستقبال كل الوافدين من المحافظات الأخرى ..فتحت لهم قلبها وبيوتها وصارت عدن ارض الملوك واليوم استحلفكم بالله خذوا بنادقكم ودباباتكم وأحزابكم وشعاراتكم خذوها إلى أي بقعة في الأرض وأعيدوا لنا عدن حيث كان الهواء النقي"
د. علوي عمر بن فريد