عباس الخاتي يكتب لـ(اليوم الثامن):

يقولون ليلى في العراق وظيفةُ

الوظيفة وصفُ يٌشار به إلى ما يسند من عمل لشخضٍ ما بغية القيام به مقابل أجر،وتكون للدولة وقانونها الحاكمية على أداءه في قطاعها العام وتعالج قوانين العمل شؤون القطاع الخاص .
وهي حاجة يبحث عنها الشخص لتحقيق ذاته بالشكل الذي يؤمن به سد إحتياجاته الشخصية والعائلية إعتماداً على ما يتقاضاه من أجر . 
يشير الواقع الى أن إحساس الفرد العراقي وخصوصاً الشباب العاطاين العمل ....مشابه لاحساس (قيس بن الملوح ) تجاه معشوقته ليلى من حيث صعوبة المنال وضرورة الظفر بها .
إن بلد كالعراق ذات الموارد الإقتصادية المهمة وتنوعها يضاف إليه الثروة البشرية التي تشكل رأس المال والأيدي العاملة وتوفر الخيرات والوفرة المالية .....ولو في أوقات معينة ....كان بالإمكان حل أغلب المشاكل التي يعاني منها الشباب الخريجون وغيرهم  .       
مهما تكن الأسباب التي تقف خلف تفشي ظاهرة البطالة،لا يمكن غض النظر عن سوء التخطيط الذي دابت عليه السياسات الحاكمة للبلد .
توفرت فرص هائلة بعد سقوط النظام البعثي لمعالجة هكذا مشاكل ،لكن غياب الوعي السياسي كان حائلاً دون إستثمار تلك الفرص ، الأمر الذي تتحمله الحكومات المتصدية وبعض القوى السياسية التي كانت سبباً في عرقلة تقدم البلد ورفاهية أبناءه .
كانت القراءة غير الصحيحة للواقع العراقي الجديد من قبل بعض الجهات، من أهم اسباب تلكؤ الوضع المعيشي للمجتمع العراقي، إذ إن الأحداث المفتعلة ) في أغلب المحافظات كانت سبباً في إحجام الشركات ورؤوس الأموال الأجنبية عن الإستثمار في العراق بداعي عدم إستقرار الوضع الأمني، فيما لو حصل العكس لأنخفظت نسبة البطالة منذ ذلك الحين ، إلاأن معركة إثبات الوجود التي عملت بعض الجهات على إثارتها ضد المنافسين في الساحة او غيرهم ، أعطت حافزاً لنشوء تكتلات (إنطوائية) إستأثرت بالقرار الوظيفي والخدمي،لذا أصبحت المحسوبية والمنسوبية معياراً إن لم تك شرطاً في الحصول على الوظيفة !   
    
في العرف النيابي يميز النائب الجيد بناءً على نجاحه في تشريع القوانين ومراقبة تنفيذها بما يخدم المصلحة العامة للبلد،بينما أصبح المعيار البرلماني في العراق حسب توفيره لأكبر عدد من الوظائف من أتباع حزبه وناخبيه وإن كان لا يفقه من أدبيات السياسة شيئاً،وبهذا تم إستغلال الناس بسبب حاجتهم وحرمانهم لاجل مصالح شخصية وأٌهملت الأهداف السامية التي من أجلها اٌسست العملية السياسية التي بات يلعنها من لا طمع له بالقرص ولا عهد له بالشيبع .       
الحكومة بإعتبارها المسؤولة عن رسم الساسات العامة للبلد يقع على عاتقها مهمة تغيير قناعات الناس ونظرتهم تجاه القطاع العام وإنه ليس الضمانة الوحيدة للإستمرار بالوجود ولم يكن المجال الأوحد لتوفير صك الإنتماء لبلد إسمه العراق،فهي معنية اكثر من غيرها بإعادة الأمل للشباب .       
يمكن حل التعقيدات المتعلقة بهذا الشأن عن طريق الإهتمام بالقطاع الخاص وتهيئة الأجواء الآمنة لدخول الشركات الإستثمارية ومعالجة الترهل الوظيفي وفق خطط مدروسة والإعتماد على مصادر الثروة الأخرى غير النفط كالزراعة والسياحة والرياضة وتشجيع والنهوض بالواقع الصناعي . 
        
  باستمرار الوضع على ماهو عليه فإن الشاب العاطل عن العمل سيبقى غريقاً في بحر اليأس ولسان حاله يردد ما قاله مجنون ليلى :
قد صرت مجنوناً من (العوز) هائماً     كأنيَ عانٌ في القيود وثيقٌ      
 الى الله أشكو ما أٌلاقي من (الحزن) فللوظيفة في قلبي جوىً وحريقٌ .