حسين داعي الإسلام يكتب لـ(اليوم الثامن):
سيل غير مسبوق في ايران ودور قوات الحرس الدينية
إن الأخبار الواردة عن الدمار والكوارث الناجمة عن السيل في ايران مفجعة للغاية والملالي سعوا لتقديم هذه الكارثة على أنها حادثة طبيعية وتحصل في جميع أرجاء العالم ووصلت الوقاحة بالبعض الآخر لوصف السيل بالنعمة الإلهية على الرغم من أنها من الممكن أن تجلب بعض المشاكل.
ولكن ما تم إخفائه بشكل متعمد هو أنه ماذا فعلت حكومة في بلد يتمتع بإمكانات وثروات هائلة مثل إيران من أعمال احترازية قبل وأثناء وبعد حدوث السيل حتى تمنع حدوث كل هذا الدمار والخراب، فهم يريدون إخفاء ما قدمته حكومة سيطر فيها جهاز قمعي واحد أي قوات الحرس على اقتصادها من أعمال لتحويل هذه الحوادث الطبيعية لخير ونعمة للشعب الإيراني بدلا من أن تجلب الدمار والخراب لهم.
وفي أحد مئات الأمثلة عن هذه الفاجعة تم العثور على طفل ميتاً في زهرة في شيراز ، جنوب إيران ، بعد مأساة قتلت مئات الأشخاص على الطريق السريع في تلك المدينة.
نعم هكذا: هكذا كانت ردة فعل ولي فقيه الملالي في النهاية.
بعد اسبوع من حدوث الفيضان المميت في جميع أرجاء البلاد فتح خامنئي فمه ليتشدق معبرا عن تعاطفه مع الضحايا وبدلا من التضامن مع الشعب الإيراني وعوائل الضحايا أظهر تعاطفه معهم من خلال ممثله الخاص في مدينة شيراز.
مراسم النصب التذكاري لضحايا الشعب في كارثة السيل التي ضربت مدينة شيراز في دروازه قرآن من قبل الشعب الإيراني العظيم.
وفي ظل هذه الظروف تتحدث التوقعات الجوية عن إمكانية حدوث طوفانات وسيول جديدة يمكن أن تؤدي لنتائج كارثية.
أولويات الجمهورية الإسلامية الأساسية هي السيطرة على الغضب الشعبي. فمنذ ٢٥ مارس قامت وسائل الإعلام الحكومية بحذف الأخبار المتعلقة بالسيول قدر الإمكان ومن البديهي أن يكون موضوع السعي للتقليل من حجم الخسائر والضرر المالي الناجم عن السيل وحياة الأهالي موضوعا ليس مقلقا بالنسبة لرئيس جمهورية الملالي فهو قلق من أجل حماية وحفظ السلطة والحكم.
وأحد الأعمال الأساسية لوزير الداخلية كانت الدعوة لمحاكمة الأشخاص الذين سعوا لنشر معلومات مضللة حول الخسائر والضرر الناجم عن السيل وذلك بدلا من تنظيم عمليات الإنقاذ أو وضع التوقعات اللازمة لمنع حدوث أضرار أكبر.
فالنيابة العامة في إيران تقول بأن نشر أخبار السيل في وسائل الإعلام الاجتماعية هو إخلال بالأمن الوطني.
وسائل الإعلام الاجتماعية في الفضاء الافتراضي اتهمت الدولة وخاصة قوات الحرس بأنهم السبب الرئيسي للكارثة.
وعلى وجه الخصوص، يسلطون الضوء على المشاريع الباهظة للسياسات التوسعية في الشرق الأوسط والفساد والاختلاس من قبل مرشد النظام. وكلاهما كانا ينفقان من جيوب من الناس بدلا من صرفها على البنية التحتية الحضرية والريفية ، وللحيلولة دون وقوع مثل هذه الأضرار الكارثية للكوارث الطبيعية.
مثلا مدينة شيراز مهمة جدا. وفي حين أفادت وسائل إعلام النظام بأن أكبر معدل للوفيات كان ٢٣ شخصا، تقول المصادر غير الرسمية ومن بينها موظفي المشفى بأن هذا الرقم وصل ل ٢٠٠ قتيل على الاقل فقط في هذه المدينة التاريخية. والعديد من الضحايا فقدوا أرواحهم على الطريق العام القريب من المبنى التاريخي "دروازه قرآن".
هذا الطريق العام تم بنائه من قبل قوات الحرس في نهايات عقد عام ١٩٩٠ ولكن من أجل تقليل التكلفة تم بناء هذا الطريق في واد كان يستخدم لتوجيه مياه السيول لنهر «خشك» (جاف) من أجل منع حدوث مثل هذه الكوارث. ولهذا السبب لم يبنى أي مبنى في هذا الوادي حتى عقد عام ١٩٩٠. وكما يقول الخبراء في ذاك الوقت فقد تم تقديم التحذيرات من خطورة شق طريق عام في هذا الوادي ولكن تم النظر في الفوائد والمزايا الاقتصادية لبناء الطريق وتم إغفال التحذيرات الجدية.
وفي المحصلة عندما انهار سد أكبر آباد (التابع لقوات الحرس) نتيجة الطقس السيء والرياح العاصفة أسقط هذا السد مئات السيارات في الطريق وحطمها وحولها لحواجز وعوائق داخل الطريق وتوفي أكثر من مائة شخص في هذه الكارثة التي من الممكن الوقاية منها وتجنبها بالكامل.
وبعد الحصول على الرقم الحقيقي لعدد الضحايا من قبل موظفي مشفى شيراز قدمت قوات الشرطة للمشفى ومنعت دخول الأشخاص إليه. وفي نفس الوقت استقدمت قوات الحرس المدرعات للتقاطع الأساسي في المدينة من أجل منع حدوث أي نوع من أنواع الانتفاضات من قبل السكان الغاضبين.
وفي نفس الوقت قام المتضررون الغاضبون في قرية قريبة من مدينة آق قلا في منطقة غلستان شرقي إيران في ٢٧ مارس باحتجاجات غاضبة على حسن روحاني رئيس الجمهورية الذي زار المنطقة بعد تأخير دام عدة أيام. واعتبر السكان المحليون الغاضبون أن عدم الفعالية والفساد الإداري هو المسبب الرئيسي في حدوث السيل.
الأهالي المحليون في آق قلا كانوا غاضبين بشدة من عدم تقديم أية مساعدات وعمليات إنقاذ بعد حدوث السيل.
وتقدمت سيدة أمام روحاني اثناء زيارته لتقول غاضبة: "ألم يكفي غلاء الأسعار؟ الآن أضيف السيل على الشعب، من سيجيبنا؟ من سيعوض كل هذه الخسائر؟ لدي ٣ أولاد وخسرت كل أموالي وأملاكي.
الشعب الذي تجمع انتقد مسؤولي النظام وأكدوا بأن أهالي المنطقة وحدهم من هبوا لمساعدة جيرانهم ولم تكن هناك أي علامة أو اي مسؤول أو مؤسسة حكومية موجودة لمساعدتهم.
وفي مارس ٢٠١٨ كررت السيدة مريم رجوي إعرابها عن تأسفها وتعاطفها مع وضع الشعب المتضرر بالسيل وطالبت الشعب الإيراني التعاون على المستوى الوطني لإنقاذ الأشخاص الذين حاصرتهم السيول ودعت أيضا عامة الشعب الإيراني وخاصة الشبان لتشكيل مجالس شعبية في كل مدينة وقرية وناحية من أجل التغلب على تأثيرات السيل الكارثية.
وأكدت السيدة مريم رجوي مرات عدة على أن قدرات قوات الحرس والبسيج وأجهزة الجيش والحكومة التب نهبت الشعب الإيراني يجب وضعها تحت تصرف الشعب ليتمكنوا من إنقاذ أنفسهم ومنع توسع الخراب والدمار.
في ٢٨ مارس أظهرت قوات الحرس قلقها الشديد فيما يتعلق بالكشوفات التي قامت المقاومة الإيرانية ومنظمة مجاهدي خلق بفضحها حول موضوع سياسات الملالي المدمرة التي أدت لحدوث السيل الواسع في جميع أنحاء البلاد.
قوات الحرس في محافظة فارس أصدرت بيانا في ٢٧ مارس قالت فيه: "أعدائنا اللدودون وخاصة مجاهدي خلق سعوا مجددا لنشر الشائعات الكاذبة من أجل إيقاف العملية القضائية في هذا الصدد..الأعداء اقسموا من خلال سوء استغلالهم لحادثة السيل الأخيرة على التلاعب بالرأي الشعبي وخلق حالة من عدم الثقة بين الشعب وقوات الحرس. وفي هذا الصدد يتوجب على المؤسسات الحكومية التحرك بشكل جدي وحقيقي ضد مثل هذه الأعمال وخاصة تلك الأعمال التي نشاهدها على الانترنت."
لقد حول السيل في إيران الذي تزامن مع قدوم العام الجديد وللنوروز عيد الشعب لعزاء ومصيبة بسبب عدم فعالية النظام الفاسد والمتخلف، ولكن هذه الكارثة التي نشرت بذور الانتفاضة الضخمة سوف تكون - كما يتوقع بعض خبراء النظام نفسه- كسيل منظم يقتلع جذور هذا النظام الذي لم يجلب سوى الدمار والخراب والفقر والبؤس للشعب الإيراني وشعوب المنطقة طوال ٤٠ عاما من حكمه المشؤوم.
*عضو المجلس الوطني للمقاومة الإيرانية