سمير اليوسفي يكتب:

إعادة الأمل للحوثي

انتهى الشهر الأول من العام الخامس على بدء الحرب في اليمن ولا تزال الانتقادات الموجهة للتحالف متواصلة بسبب تأخر الحسم الذي كان المنتقدون يظنونه قريباً، لأنهم حصروا الحرب في مواجهة الحوثي فقط.

وغيرهم يراه بحاجة لمزيد من الوقت لعدم توافر الشروط الموضوعية لعودة الدولة الوطنية التي يمكن التعويل عليها في تحقيق الأمن والسكينة واستكمال الحرب على التنظيمات الإرهابية.

صحيح أنّ الحوثي هو الهدف المحوري لحرب التحالف لكونه ذراع إيران في جنوب الجزيرة، غير أنّ دول الغرب تهمها مصلحتها أكثر وهي متضررة من تنامي الكيانات الإرهابية المتدثرة بالجماعات الإسلاموية ومشاريعها المتطرفة بعد تفجيراتها الانتحارية التي ضربت مصالح هذه الدول في عُمق عواصمها إضافة لتهديداتها للملاحة الدولية في البحرين العربي والأحمر واتخاذها لليمن موئلاً آمناً.

وعليه يمكننا تتبع مسار حرب التحالف منذُ إعلان مرحلتها الأولى "عاصفة الحزم" في مؤتمر صحفي عقده سفير السعودية الأسبق لدى الولايات المتحدة عبدالعزيز الجُبير من داخل مقر السفارة في 25 مارس بتوقيت واشنطن.. واستمرت 27 يوماً حتى أعلنت السعودية انتهاءها بتحقيق أهدافها بواسطة الطلعات الجوية.

تلتها في نفس اليوم مرحلة ثانية بأهداف عسكرية وسياسية وإنسانية تتوخى "إعادة الأمل" تمثلت في سرعة استئناف العملية السياسية وفق قرار مجلس الأمن رقم (2216) والمبادرة الخليجية ومخرجات الحوار الوطني، وحماية المدنيين ومكافحة الإرهاب وإجلاء الأجانب، وتكثيف المساعدة الإغاثية والطبية في المناطق المتضررة، وإفساح المجال للجهود الدولية لتقديم المساعدات الإنسانية، والتصدي للتحركات والعمليات العسكرية للمليشيات الحوثية ومن تحالف معها، وعدم تمكينها من استخدام الأسلحة المنهوبة من المعسكرات، أو المهربة من الخارج، فضلاً عن إيجاد تعاون دولي من خلال البناء على الجهود المستمرة للحلفاء؛ لمنع وصول الأسلحة للحوثيين جواً وبحراً.

وبعد مُضي أربع سنوات عليها يمكننا القول إنّ نتائجها حتى الآن جاءت سلبية ومُخيبة للآمال في الجانبين السياسي والعسكري بسبب ضعف موقف الشرعية على الأرض وعدم تمسكها بمرجعيات التفاوض.. والفشل نفسه لحق اتفاقات ظهران الجنوب بسبب تعنت الحوثيين وارتهان قرارهم لإيران. مما يستدعي المراجعة الشاملة لتصحيح الأخطاء وتصويب الاختلالات.

أربع سنوات من "إعادة الأمل" فقد فيها الناس أي أمل بالشرعية.. وصار منتهى أحلامهم عودتها من منفاها الاختياري. وبالمقابل أنعشت الحوثي وضخت في أوردته أسباب الحياة بالغذاء والدواء والمعونات الإنسانية.

من الذرائع التي يستند الحوثيون عليها كورقة ضاغطة في المفاوضات أنّ المناطق التي يسيطرون عليها تخلو تماماً من أي وجود لتنظيمي القاعدة وداعش وتتوافر فيها الحياة الآمنة عكس معظم المحافظات المُحررة التي تتحكم فيها الفوضى والانفلات ويسودها الاٍرهاب وتسيطر عليها فصائل وميليشيات لها أجنداتها الحزبية والمناطقية والمذهبية ولا جامع بينها سوى عداء الحوثي ومحاربته فقط.

ومع الأسف، يبدو هذا الطرح صحيحاً.. وأكدّته تقارير الحالة الإنسانية لمفوضية حقوق الإنسان، ومعالجته لن تكون بغير عودة الدولة الجامعة وتوّحد اليمنيين لخوض معركتهم المصيرية بأهداف وطنية.

لكنّ تلك السلبيات لا تجعل الحوثيين قطعاً في وضع أفضل رغم مظاهر الأمن المُفتعلة في المناطق التي احتلوها وحولوها إلى معتقلات بحجم المدن والمحافظات تعج بالبؤس والصرخات الهمجية المتوترة بسبب الرعب الذي زرعوه في نفوس الناس.. وسيطرة مُشرفين طائفيين عليها لا يختلفون عن حُكام مزرعة الحيوانات في رواية جورج أورويل الشهيرة. كما أنّ ثمة تقارير ووثائق تؤكد تلاعب إيران بورقة التنظيمات الإرهابية منذ لجوء قيادات في القاعدة إليها في أعقاب أحداث الحادي عشر من سبتمبر، وهو ما سنُفصله في مقال قادم.