سمير اليوسفي يكتب:

الجمهورية والانفصال

تعرضت الثورة السبتمبرية بما حملته من أهداف سامية خلال العقود الثلاثة الماضية لحملات تشويه مقصودة اشترك فيها متحالفون جمعتهم المصالح بعد أن كانوا فرقاء.

ونجحوا في تحقيق أهدافهم المتمثلة في إذكاء الانقسام وبث الانهزامية والتهجم على رموز الثورة التي قادت إلى توحيد اليمن شمالاً وجنوباً، مستغلين فتنة الحوثي وحركته السلالية العنصرية، فأظهروها وكأنها حركة تحررية للدفاع عن النفس، مع أنّ رموزها وداعميهم في الداخل والخارج كانوا ولا يزالون من رموز الإمامة الطامحين لعودة الحكم الكهنوتي إلى اليمن.

ومن عجائب حركة الحوثي الإمامية أنّها رفعت خلال حروبها الست شعار مواجهة ورفض "التوريث" داخل النظام الجمهوري لإقناع الناس بأنّه لا يختلف عن الإمامة في شيء.. كما ترفع اليوم شعار الدفاع عن الوحدة للانقضاض على الجنوب.

وحتى نفهم أسباب هذه الحرب لا بُدّ لنا من العودة إلى البداية...

والبداية كانت من تطويق قرية ومعسكر "دمّاج" من قِبٓل "الحوثيين "بدعمٍ من بعض "وحدات" في الجيش تحت إشراف وزير الدفاع الأسبق "محمد ناصر أحمد" ومُشاركة "15" دبابة في الضرب، إضافة إلى تزويد الحوثيين بقذائف الكاتيوشا.

وبَانَ المُخطط بوضوح عندما فوَّض سلفيو "دماج" الرئيس "هادي" في اتخاذ الموقف الذي يراه مناسباً، ووضعوا مصيرهم رهن قراره بعدما أوهمهم بأنه يقف إلى جانبهم، وكانوا يظنون أنَّه سيأمر الجيش بالتدخل إلى جانبهم كما كان يحصل في الحروب الست في عهد الرئيس السابق.. إلاَّ أنّه طلب منهم الخروج من قريتهم، مع وعدٍ -نكثه فيما بعد- بنقلهم إلى "الحديدة" وبناء "معهد" بديل لهم... وزاد أن أبلغهم بأنهم سيتعرضون للإبادة الجماعية إذا لم ينفذوا توجيهه... فتسبب بتهجير قرابة 10 آلاف شخص غالبهم من أبناء المحافظات الجنوبية.

في عام 2004 رفض الرئيس السابق طلب الحوثيين بإخراج طلبة دماج، لأنه كان بعتبرهم سداً منيعاً يستخدمه لصد توسع الحوثيين، باتجاه "عمران" ولم يكن خفياً مشاركتهم ضمن قوات الفرقة الأولى مدرعة واستلامهم منها مُخصصات وأغذية منتظمة..

بغض النظر عن اتفاقنا أو اختلافنا مع تشدد وتطرف أولئك الطلبة السلفيين إلا أنّ ما حصل لهم على مدى مئة يوم من القتال، وبعدها الطرد الجماعي، وتركهم مع أطفالهم ونسائهم في عراء مدينة سعوان بصنعاء لأشهر كان بمثابة تهيئة للغالبية منهم لخوض معركة المواجهة بعد أن كانوا حاجز صد مستميت أمام الحوثيين الذين سلمهم عبدربه السلطة.

وبالعودة إلى ثورة سبتمبر التي شاركت فيها طلائع الجنوب بقيادة راجح لبوزة.. وكانت مُلهمة لثورة الـ14 من أكتوبر العظيمة فإنّ ما يثير الاشمئزاز اليوم تباكي الحوثيين والإخوان على الوحدة التي هي ثمرة من ثمارها بعد أن تكالبوا على النيل منها.. وصار الحوثي يحتفل في يومي الغدير وعاشوراء بإسقاط مضامينها.

‏الوحدة تأسست على النظام الجمهوري والديمقراطية والتعددية السياسية، ومن المعيب في حقنا كيمنيين تصديق الذين فرّطوا في جمهورية سبتمبر وسلموها للحوثيين.. عليهم أولاً استعادة النظام الجمهوري باعتباره العقد الاجتماعي والسياسي الذي توحدت بموجبه اليمن.