اسعد عبدالله علي يكتب لـ(اليوم الثامن):
العراق: ما بين ظهور البغدادي وفضيحة رنين
اليوم الماضي شهد حدثين كانا الاكثر جلبا لأهتمام العراقيين, الاول هو الظهور الجديد لأبو بكر البغدادي خليفة الدواعش, بعد ان تردد كثيرا في الاعلام وعلى فترات متباعدة بقيام الامريكان بتصفيته, لكن ظهوره جددا الان أثار تساؤلات عديدة! والامر الثاني والذي انتشر بعد ساعات قليلة من خبر البغدادي, الا هو انتشار فيديو فضيحة رنين, مما جعل جمهور "الفيسبوك" العراقي ينسى الخبر الاول! ويصبح الاهتمام الاكبر بالفضيحة الجنسية. سنحاول هنا تسليط الضوء على الحدثين, محاولين توضيح بعض دلالات الحدثين:
• دلالات ظهور البغدادي مجددا ظهور جديد لخليفة داعش بعد اختفاء اربع سنوات, بعد اخر ظهور له في الموصل ايام احتلالها من قبل عصابات داعش, والان ظهر ليتبنى تفجيرات سريلانكا والسعودية داعيا عصاباته لشن هجمات على باريس, معترفا بالهزيمة في سوريا, كأنه اعلان لحرب الاستنزاف ضد الانسانية اين ما وجدوا! هنا نحاول تفسير الحدث:
الدلالة الاولى: يمكن ملاحظة ان الظهور الجديد يتزامن مع الذكرى الخامسة لتأسيس تنظيم داعش الارهابي, كذلك هو الاول منذ عام عن اعلان امريكا في اذار 2018 عن هزيمة تنظيم داعش, فهو يمكن اعتباره رسالة بان التنظيم حي لم ينتهي, وان الخليفة بشحمه ولحمه مازال موجودا, وانه ممسك بزمام الامور والدليل نشاطه الاخير في بقاع متباعدة من العالم ( سريلانكا والسعودية), ويحاول ان يقنع المشاهدين بان التنظيم مازال يتمدد, والدليل اعلانه عن تأسيس ولاية الصحراء في جنوب مالي.
الدلالة الثانية: الظهور الجديد رسالة لكشف زيف الاخبار التي تتحدث عن اغتيال خليفة الارهابيين, وان هنالك دور قادم لأبو بكر من قبل القوى العالمية الكبرى, فالمتغيرات الاقليمية تسارعت لتسقط الرئيس الجزائري والسوداني, كما كان ظهورهم متزامن مع الربيع العربي الاول في نهايات عام 2010, فمع كل فوضى يظهر الاتجاه الارهابي المتطرف مدعوما من قبل القوى العالمية, لذلك تم الظهور الحالي.
الدلالة الثالثة: الظهور رسالة نفي للأخبار والاشاعات المتناقلة عن هرب البغدادي خارج جغرافيا العراق وسوريا, وانه مازال موجودا في المنطقة, وانه بكامل عافيته يتابع وينظم ويخطط للقادم من الايام, وكأنها رسالة باستشارة من البيت الابيض, لان الفكرة اكبر من عقلية زعيم لتنظيم ارهابي مبني على اساس الذبح والسبي والسرقة.
• صدمة محلية وامريكية مثل الظهور صدمة للقيادات السياسية, خصوصا بعد تأكيد اخبار كثيرة وبفترات زمنية متباعدة, عن مقتل خليفة الارهابيين, وهو ما يذكرنا بخبر مقتل المجرم عزت الدوري وتفاصيل دقيقة عن قتله وحكايات عن هاتفه, لكن فيما بعد تبين كذب كل ما قيل! والكذبتين اشترك بها الساسة المحليون وبدعم امريكي. لذلك تحركت الجيوش الالكترونية وغرف عمليات تصنيع الاخبار, لتخفيف الضغط الجماهيري, وهذا الامر يحتاج لحدث ما يجعل الناس تنسى ظهور البغدادي, وهذا الامر مستند لفهم جيد لذاكرة العراقيين, والتي تشبه ذاكرة السمك ( نسيان سريع), لذلك...
• فضيحة رنين بعد ساعات قليلة من ظهور البغدادي وتصاعد الحديث عن ظهوره, فاذا بفضيحة جنسية لمطربه محلية, تنتشر بسرعة مدعومة بفيديو يفصح عن حدث جنسي! وكما عودنا شعب "الفيسبوك" المحلي تستهويه الفضائح الجنسية, وتشغله كثيرا وتصبح مادة مهمة ورئيسية, ولا تبرد نارها الا بعد اسابيع, فتم نسيان الحدث الاول تماما, صمت الالاف عن حادثة ظهور البغدادي, ولم يعتب احد عن بقائه حيا الى الان! ولم يتناول الناس اسباب الظهور, منشغلين بالحديث عن رنين, وعن تفاصيل المشهد الجنسي, وتابعه حديث عن بطولات رنين, وعن ملابس رنين المثيرة في الحفلات, وتداول تصريح لأخو رنين يدافع عنها, ومناقشة مستفيضة لدفاع رنين عن نفسها. والنتيجة نسيان تام لقصة ظهور الخليفة الارهابي البغدادي, ومازالت قضية رنين في تصاعد.
الكاتب اسعد عبدالله عبدعلي العراق