د.عيدروس النقيب يكتب:
بصراحة وهدوء
لنعد مرة أخرى للحديث عن المرجعيات الثلاث التي ما يزال الغالبية من الطبقة السياسية اليمنية، والعديد من الأشقاء والأصدقاء ينظرون إليها كمخرجٍ وحيدٍ وضمانٍ أكيدٍ لحل الأزمة اليمنية، ونتناول هذه المرة مخرجات الحوار الوطني التي يتحدث عنها كثيرون ومعظمهم يجهل ماذا تتضمن.
مخرجات الحوار الوطني تتضمن آلاف القرارات والتصورات والتوصيات، ويتفق معظم المتحاورين عليها، وربما قلما يعترض عليها طرف سياسي ناهيك عن المواطنين الذين لم يعودوا يكترثون للساسة والسياسة وما تتسبب به من صداع وغثيان، لكن النقاط المحورية التي تسببت في اندلاع الأزمة والانقلاب والحرب كانت تلك المتعلقة بنظام الدولة وهو الأمر الذي عرف بالدولة الاتحادية، التي جرى تكليف لجنة لاتخاذ قرار بشأنها برئاسة الرئيس هادي فأقرت اللجنة نظام الأقاليم الستة.
في الشمال كان القرار موضوع رفض مطلق من قبل أكبر حزبين تشاركا السلطة ثم اختلفا ثم تحاربا ثم دخلا الحوار واتفقا في رفض نظام الأقاليم في بيان مشترك بينهما هما المؤتمر الشعبي العام (برئاسة الرئيس السابق صالح) والتجمع اليمني للإصلاح، كما رفض الحوثيون كقوة سياسية جديدة شاركت في الحوار وفي حكومة الوفاق هذا القرار وبالتالي لم يبق أي طرف سياسي موافقٌ على هذا القرار ما عدا بعض أنصار الرئيس هادي في المؤتمر الذين لم يشكلو طرفاً سياسياً محدداً، أما في الجنوب فقد رفض القرار من حيث المبدأ لسببين: سبب مباشر وهو غياب التمثيل الجنوبي الحقيقي بعد انسحاب معظم ممثلي مؤتمر شعب الجنوب، وسبب آخر يتمثل في أن قضية الجنوب، بعد كل الصخب الذي أثير حولها قد عولجت من خلال القرار بمشكلة وليس بحل حيث جرى القفز على أسباب المشكلة ممثلة بنتائج اجتياح الجنوب في حرب 1994م والاحتيال على الجنوبيين من خلال تقسيم الجنوب إلى إقليمين واستبقاء نتائج الحرب وتخليدها، وهو ما خلق حالة من الرفض المطلق لذلك الحل الأخرق للقضية الجنوبية.
ولا بد من التنويه إلى ما كان الحزب الاشتراكي قد تقدم به في المؤتمر من رؤية تضمنت اعتماد نظام الدولة الاتحادية بإقليمين على أساس حدود العام 1990م ومعالجة آثار الحرب وهو الموقف الذي لاقى رفضاً كلياً من جميع المتحاورين ومعظمهم من شركاء حرب 1994م والمشاركين بقوة في صناعتها والاستفادة من نتائجها.
إن مخرجات الحوار الوطني التي يتغنى بها صانعوها وهم قلة ورافضوها وهم كثرة قد صارت سببا في الانقلاب والحرب وما أدت إليه من نتائج مدمرة على الجميع، هذه المخرجات لم تعد صالحة للتعاطي معها ولا لاعتبارها مخرجاً ممكناً للأزمة بعد أن صارت سببا فيها، فأهم القوى السياسية ترفضها وقد التهمت الحرب أوراقها ما يقتضي التراجع عما تضمنته من ألغام وتفخيخات أدت إلى ما أدت إليه من كوارث، والبحث عن صيغة نظرية جديدة تلغي الانقلاب وتوقف الحرب وتسمح للشعبين في الجنوب والشمال بتقرير المصير الذي يراه كل منهما مناسباً لصناعة مستقبله بعيداً عن التبعية والوصاية وثنائيات المنتصر والمهزوم والفرع والأصل والغالب والمغلوب.
وللحديث بقية.