د. علوي عمر بن فريد يكتب لـ ( اليوم الثامن ) :

أوجاع وطني الجنوب الذي قهره أبناؤه

بداخل عقلي وقلبي قبل قلمي كم هائل من القهر والمرارة والألم يجعلني أفكر ألف مرة قبل أن أبوح به لقلمي وقبل أن يسيل حبره على الورق ويقوم بترجمة أحاسيسي ومشاعري التي لم تعد تحتمل ما يجري في وطني من أحداث ومآسي سببها من كنا نظنهم إخوة لنا في اليمن ..وهم يحاولون سلب ذاكرة الوطن الجنوب وتاريخه ويحاولون باستماته ردم عقول مواطني الجنوب وتزييف وعيهم الجمعي وإهالة التراب على تاريخهم ونثرغبار النسيان على عقول الأجيال تحت شعارات كاذبة براقة ومخادعة.. واستجاب لهم فصيل ضال زور تاريخنا بشعارات القومية العربية منذ الستينات وارتضى أن يكون عميلا مزدوجا لحكام صنعاء وللانجليز في عدن ورفع شعاراته الكاذبة باسم الحرية والكفاح المسلح ..ووجه بندقيته وسلاحه لرجال الجنوب وأحراره غدرا !!

وقام ذلك الفصيل بحملة اغتيالات وتصفيات شملت عدن ثم عمت كل أرض الجنوب وكافئه البريطاني المحتل بأن سلم له الجنوب في جنيف منفردا بل وساعده على محاربة القوى الوطنية في الجنوب !!

تاريخ دموي لذلك الحزب الذي غير اسمه عدة مرات وساق الجنوب بطوله وعرضه حتى أدخله عنوة باب حلف وارسو وعند انهيار ذلك الحلف ساقه إلى باب اليمن وباعه بثمن بخس.. لم يشفع له ذلك البيع المهين أن يقبل به دهاقنة صنعاء أن يكون شريكا لهم أو حتى أقل من الند ..وذلك الحزب أشبه بالعبد الآبق الذي غدر بولي نعمته (شعب الجنوب ) الذي لطخ جدران الوطن وترابه بدمائه ..كل أفعاله الحاقدة والشنيعة من أجل أن يبقى في السلطة !!

وخلال الفترة من عام 1967م وحتى اليوم وشعب الجنوب يتلقى الطعنات تلو الطعنات من أبنائه ومن أسيادهم في صنعاء ..تمثل في اجتياح الجنوب عام 1994م على أيدي سلطة عفاش الغاشمة ثم تحالفه مع عصابات الحوثي عام 2015م وحتى اليوم .. وأصبح من كنا نعتقد أنهم إخوة لنا اتضح لنا أنهم أبشع من الاستعمار الأجنبي ألف مرة !!

وحتى لا تمزق الذكريات الدامية أوردتي ويسيل منها دمي بدلا من حبري على أوراقي المبعثرة بخيبات إدارة هذا الوطن منذ خروج المستعمر وانقسام أبنائه وخلافاتهم المستمرة الذي يلعب عليها حواة صنعاء سأحاول إنعاش الذاكرة الوطنية لبلدي الجنوب العربي عندما كان دولة حرة مستقلة ... على خارطة الكرة الأرضية قبل أن تهدم كل مقوماتها وأركانها على أيدي حثالة صعدت من قاع المجتمع وارتهنت للخارج مقابل أن يبقى رعاعها وأوغادها في السلطة ولكن خابت آمالهم وتكسرت أحلامهم وتاهوا في المنافي وأصبحوا في التيه خارج مسارات التاريخ وحدود الجغرافيا في جهاتها الأصلية وأصبحوا رمادا تذروه الرياح والأعاصير !!

وتركوا شعب الجنوب وحيدا في ساحاته وحدوده الوطنية يكافح من أجل استرداد حريته واستقلاله ضد الطامعين الذين يدقون أبوابه بموجات بشرية متلاحقة من أجل إعادة احتلاله من جديد ولكن هيهات لهم ذلك !!

يقول بعض المؤرخين إن هناك ثمة أسباب عديدة ساهمت في اختفاء دولة الجنوب ويحاول أعداؤها اليوم تزييف التاريخ و جعلها مجرد ذكرى صغيرة في احد زوايا أرفف التاريخ ولأن بعضهم لا يؤمنون بالديمقراطية فسعوا لهدمها.

ولأن بعضهم لا يستطيع مواجهة الكلمة فلجئوا إلى دعم أسفل القوم لتفتيت مجتمعهم حتى يهربوا من المواجهة.

ولأن بعض أبناء الجنوب يعشق الجلوس مع المتردية والنطيحة فظنوا بأن غالبية شعبهم كجلسائهم!!

ولأن البعض منهم يدور في فلك أحزاب صنعاء وقد اشتروه بمبلغ من المال أو قطعة أرض في وطنه فخيل لأسيادهم بأنهم قادرون على شراء كرامة شعب الجنوب وخنوعه فخاب ظنهم ومسعاهم!!

ولأن قلوب غالبيتهم على مصالحهم وأحقادهم على الشعب ظنوا بأن شعوبهم يكنون لهم الكره وخانتهم الذاكرة أن مال أسيادهم في صنعاء مصدره ومنبعه من خيرات الجنوب وثرواته ونفطه وغازه !! 

ولان المال المسروق هدمت بسببه ما بقي لديهم من شرف وظنوا بأنهم يستطيعون سلب شرف شعبهم بتلك الطرق الحقيرة !!

ولأن غالبيتهم لم يعشق تراب الوطن فظنوا بأن كل شعبهم يبيعونه كما باعوه هم !!

ولأن بعضهم يصنع أصنامه بيديه الآثمتين فظنوا بأن الشعب سيعبدها ولكنه حطمها !!

ولأن بعضهم يهتف باسم من أفسد وطنهم فظنوا بأن الشعب سيتغنى بشعارات الفاسدين الطامعين !!ّ 

ولأن هؤلاء الرعاع لا قيمة لأكثرهم سوى المال الحرام الذي سرقوه فظنوا بأن هناك من يماثلهم من أشباه الرجال!!

ولأن بعضهم شنق الوطن بحبال مصالحه فظنوا بأن لا حياة لطموح شعوبهم!!

ولأن بعضهم يتصارعون على أن يكونوا حكاما سفهاء فظنوا بأن شعوبهم سفهاء مثلهم !!

ولأن غالبيتهم أصابهم جنون الجشع ظنوا بأن الشعب سلعة يتحكمون بها.

ولأن بعضهم اختار من بحار العنف طريقا لإدارة البلاد بدلا من مرسى الديمقراطية فظنوا بان الشعب وحده سيغرق!!

ولأنهم يتفننون في دفن الحقائق فظن بعضهم بأن شعبهم كذبة يشبه كذبة ابريل !‍!

ولأن بعضهم بارع في وأد أحلام الشباب فظنوا بأنهم قادرون على وأد رياح التغيير!!

حتما نحتاج الكثير من الوقت لاستيعاب كل تلك الأسباب التي شكلت مشهد نهاية تلك الدولة المستلبة ( الجنوب العربي ) ولكن قبل التمعن بالأسباب وقبل كل شيء أدعو الله تعالى أن لا تبنى الأوطان بروح الانتقام...بل بالمحبة والتسامح حتى مع من أجرموا في حقنا وحقوق شعبنا ولنا في رسول الله أسوة حسنة والله المستعان .

د. علوي عمر بن فريد