د. علوي عمر بن فريد يكتب لـ(اليوم الثامن):

ما هي خيارات إنهاء الحرب في اليمن ؟؟ (1)

في دراسة هامة صدرت منذ أيام شارك في كتابتها ثلاثة من أهم المحللين السياسيين الأمريكيين وهم : مايكل نايتس في معهد واشنطن، وكان قد زار جبهات القتال في الحديدة مرتين خلال العام الماضي. كينيث بولاك باحث مقيم في "معهد أمريكان إنتربرايز". باربارا والتر أستاذة العلوم السياسية في كلية سان دييغو للسياسة والإستراتيجية العالمية في جامعة كاليفورنيا تحت عنوان:
(خطة حقيقية لإنهاء الحرب في اليمن )
سنعرض أهم ما جاء فيها :
• عادت الأمور إلى طبيعتها بعض الشيء هذه الأيام في ميناء الحديدة بفضل اتفاق وقف إطلاق النار بين القوات المتحاربة منذ ديسمبر عام 2018م ،ويحتدم القتال أحيانا بين قوات التحالف العربي والحوثيين مع ارتفاع أعداد القتلى وتفشي المجاعة وسؤ التغذية .
• في واشنطن دعت مجموعة من السياسيين إلى سحب الدعم الأمريكي للتحالف العربي وتحويل وقف إطلاق النار الذي سعت فيه الأمم المتحدة إلى سلام دائم ، كان هذا المسار هو الأقل احتمالا لوقف القتل وما يشكله من مضاعفات على المصالح الأمريكية .
• إن دفع السعودية إلى الانسحاب لن ينهي سفك الدماء في اليمن تماما كما لم يؤد إلى دفع الولايات المتحدة إلى الامتناع عن المشاركة في الحرب الأهلية في سوريا إلى وقف أعمال العنف هناك ، كما أن الانسحاب السعودي لن (يشجع ) الوصول إلى تسوية عن طريق التفاوض ، وسيستمر القتال حتى ينتصر الحوثي على الأرجح !!
• سيظل السلام في اليمن بعيد المنال مهما استمر القتال ولن يحل المسألة قطع الدعم العسكري عن التحالف بل يجب مضاعفته حتى يتخلى الحوثي عن معظم الأراضي التي استولى عليها هذا إذا كانت واشنطن جادة في إنهاء الحرب .
كيف تنتهي الحرب ؟!
• تاريخيا كانت الحروب الأهلية المماثلة لحرب اليمن تنتهي إما عند فوز طرف واحد بانتصار عسكري حاسم أو بالتفاوض عن طريق طرف ثالث للوصول إلى تسوية ، ولكن الخيار الأول يعني :القبول بسفك الدماء والتطهير العرقي كما حدث في حماه عام 1982م في سوريا ، أو ما قام به صدام ضد الأكراد أواخر الثمانينيات ،أو قمعه التمرد الوطني عام 1991م ، ولكن ثمن هذه الانتصارات باهظ للغاية إذ كلف مئات الآلاف من الضحايا !!
• يمكن التسوية بالتفاوض وإنهاء الحرب وتقليل الخسائر ولكن لن تقتنع الأطراف إلا إذا دخلت مرحلة طويلة من الجمود العسكري بحيث تقتنع جميعها بأنها لن تستطيع تحقيق أي انتصار عسكري مع إدراك الأطراف بنزع سلاحها دون القضاء عليها وهو شرط يرتبط بالتزام خارجي بحفظ السلام لمدة عقد أو أكثر .
• الجلوس إلى مائدة التفاوض لتقاسم السلطة بمنح الأطراف سلطة سياسية واقتصادية بما يتناسب مع وزنها الديموغرافي معدلة وفقا للوقائع العسكرية وفي حال سحب الدعم الأمريكي من التحالف فإن ذلك سيعيق جهود التحالف الحربية وسيشجع الحوثيين وإيران مما سيجعلهم أقل استعدادا لقبول وقف إطلاق النار وتقاسم السلطة!!
• النقد الموجه للتحالف من الكونغرس الأمريكي شجع الحوثيين على الاستمرار في القتال بدلا من الاستسلام ، ومنذ اتفاق استوكهلم حصن الحوثيون مواقعهم في الحديدة ، والأخطر من ذلك أن خفض الدعم الأمريكي للتحالف سيؤدي إلى تمكين الحوثيين من إحراز تقدم عسكري شبيه ما حققه نظام الأسد وإيران وروسيا ببطء في سوريا !!
• وكما نعلم فالحوثيون معادون للولايات المتحدة وللسنة بشكل متزايد من واقع انتمائهم للمذهب الزيدي الشيعي ، وهم ليسوا سوى أقلية في اليمن ، ولا يوجد لهم أساس تاريخي أو شعبي يؤهلهم لحكم صنعاء أو السيطرة على الموانئ، ونتيجة لذلك قد يتطلب (الوضع ) في اليمن في مرحلة ما بعد الصراع تحت حكم الحوثيين قدرا هائلا من عمليات القمع لكي يستمر حكمهم !!
• لا يحبذ أعضاء الكونغرس الأمريكي الحرب الأهلية في اليمن بحيث يزيد ذلك من تدخل إيران وبالتالي تعزيز نفوذها في اليمن الذي أصبح واقعا ملموسا بحيث طالت الصواريخ الإيرانية الأراضي السعودية والسفن في البحر الأحمر بما فيها السفن الأمريكية في باب المندب ، وبالتالي فإن وضع نهاية دموية للحرب الأهلية ينتصر فيها الحوثيون سيؤدي إلى تقويض المصالح الأمريكية ويشكل خطرا على حلفائها .
• الحقيقة المرة أنه لم يتم التوصل إلى وقف إطلاق النار في الحديدة سوى بسبب الضغط العسكري الذي مارسه التحالف بقيادة السعودية مما أجبر الحوثيين على الاختيار بين أمرين : إما التوصل إلى اتفاق بينما هم لا يزالون يسيطرون على الحديدة وبالتالي يمكنهم استخدامها كورقة مساومة .وإما القيام بذلك لاحقا بعد خسارتهم لها وبالتالي سيكون نفوذهم أقل بكثير فاليوم وبعد التوصل إلى اتفاق وقف إطلاق النار لم يعد الحوثيون يتعرضون لمثل هذه الضغوط .والى اللقاء في الحلقة الثانية والأخيرة .
• د.علوي عمر بن فريد