د.علوي عمر بن فريد يكتب لـ(اليوم الثامن):

أمريكا وإيران والتفاوض بعقلية البازار!!

بقراءة موضوعية لما يجري في الخليج العربي من محاولات استعراض القوة والمناورات الكلامية بين أمريكا وإيران نجد أن هناك تشابها بين العقلين الأمريكي والإيراني فترامب أكثر القادة الغربيين فهما للعقل الإيراني ..لأن ترامب أصلا تاجر ويعرف كيفية الاستحواذ على الزبون ويبيعه ما يريد وبالسعر الذي يريد !!
إستراتيجية إيران :
1- اتبعت إيران سياسة النفس الطويل في التفاوض مع الاتحاد الأوربي بحيث بدأت برفع سقف مطالبها عاليا ثم أخذت تساوم وتناور بمنهج مدروس إلى السقف الذي حددته منذ البداية ، ثم تبيع الطرف الآخر نصرا زائفا وتوحي له بأنها قدمت تنازلات كثيرة ، وبتلك الوسائل نجحت إيران في عقد الصفقة .

2- حاولت إيران ولا زالت إتباع إستراتيجية حافة الهاوية لخدمة أغراضها الأيدلوجية والحفاظ على مصالحها العليا، وتوهم الخصم أنها لا تخاف العواقب ، وهذه الصورة الوهمية تسهم في استحمار الشعوب والأحزاب الإسلامية المنبهرة بالنموذج الإيراني ، وفيها يحافظ الإيراني على سقف مرتفع جدا من المطالب ويهدد بإفشال المفاوضات حتى يصل إلى حافة الهاوية .. عندها تظهر إستراتيجية البازار ويتم التراجع ويبيع بالسعر الذي رفضه سابقا !!
والحقيقة أن إيران لن تواجه أمريكا والاتحاد الأوربي ، وفي النهاية سترضخ عندما تحقق أقصى ما تستطيع من مكاسب .
وقد رأينا ترامب يتفاعل بنفس عقلية البازار الإيرانية وبإستراتيجية حافة الهاوية مع كوريا والصين !!
والمتوقع أن تخضع إيران وتتنازل في مناطق كثيرة ، في حين ستقوم القوات الأمريكية بمناورات حية ، ولكنها ستعود دون حرب ، وستكون كل من : سوريا والعراق واليمن ولبنان هي الملعب الإيراني للمواجهة ولكن إيران ستتخلى عن عملائها،وسيتم إنهاء دور حزب الله بقرار إيراني ،وكذلك الحشد الشعبي في العراق ،وسيعود الحوثي إلى صعده ،وسينتهي دور فيلق القدس وسيتم تهميش الحرس الثوري الإيراني لأن نظام إيران يعلم يقينا أن المواجهة مع الولايات المتحدة ستكون نهاية نظام ولاية الفقيه !!
وفي نهاية اللعبة سيدخل النظام تحت بوابة بيت الطاعة الأمريكية .
أما جل ما يريده العرب فهو منع الضرر الإيراني عن دولهم وقطع يد الشر الفارسية العنصرية الطائفية عن العبث بالدول العربية دينيا وسياسيا وعسكريا !! ومن ناحية أخرى فالوقت يضيق على ترامب والخيارات أمانه محدودة فهو
في واقع الأمر ليس متحمساً لدور القائد الأعلى للقوات المسلحة، وتجده يمارس العكس تماماً مما أطلق عليه ذات مرة الرئيس الأمريكي السابق ثيودور روزفلت قولته المأثورة، ونصها: "تكلم بنعومة واحمل عصاً غليظة، وبذلك تقطع شوطاً طويلاً."
يرفع ترامب عقيرته بالكلام، ويلوح بعصي أحجامها وأوزانها متغيرة، ولكنها في الواقع لا تبلغ أن تشكل الرادع الذي يرغب فيه.
سوف يتطلب توجيه ضربات جوية لإيران شهوراً من التحضير، والأهم من ذلك، أن مثل هذه الضربات ستتطلب شهوراً للتنفيذ.
لا مفر من أن تستغرق الضربات الجوية الأمريكية على المواقع النووية الإيرانية المعززة والمخفية فترة طويلة، في حملة شبيهة بتلك التي شنت على كوزوفو وليست بتلك التي شنت على بغداد. وسيكون من اللازم تكرار الهجمات إلي أن يثبت أن الأهداف تعطلت تماماً، أما إستراتيجية الصدمة والترويع فلن تجدي مع الإيرانيين.
مع تأهب الولايات المتحدة للدخول في موسم الانتخابات، تعلم طهران أن ترامب لا يملك الشجاعة لخوض القتال وأن الوقت ليس لصالحه إذا ما رغب في الإعداد لذلك. ولذلك تكمن مصلحة إيران في التأجيل والانتظار لمعرفة ما إذا كان ترامب سيفوز بفترة رئاسية ثانية.
 

جزء من المقالة مقتبسة من مقال للكاتب د. نصر محمد عارف