د. عيدروس النقيب يكتب:

أزمة الشرعية ومأزق التحالف العربي!

منذ أيام وبعد تداول نص الرسالة بين جماعات من أعضاء مجلس النواب المؤيدين للشرعية وجه رئيس المجلس سلطان البركاني رسالة للحكومة يطالب فيها بعدم التعامل مع المبعوث الأممي مارتين جريفيت لأسباب عديدة منها انحيازه إلى الحوثيين وتعامله معهم كند للحكومة الشرعية، وانتقلت الرسالة إلى الرئيس هادي الذي ورطه مستشاروه ومؤيدوه برسالة إلى الأمين العام للأمم المتحدة يشكو فيها من محاباة المبعوث الأممي للجماعة الحوثية مع ما تضمنته الرسالة من نقاط يعرفها الجميع.

بعض المعلقين قال أن الحكومة الشرعية التي لا هي نجحت في دحر الانقلابيين او حتى حرصت على تغيير ميزان القوى لصالحها، ولا هي قبلت بصفقة تحفظ لها ماء الوجه وتسمح لها بالعودة والتعايش مع الانقلابيين، تريد من السيد جريفيت أن يحل محلها ويقاتل الحوثيين حتى يخرجهم أو يطرحهم أرضا ثم يسلم الأرض للحكومة الشرعية، وبعضهم قال أن الحكومات الشرعية أشبه بربة البيت الفاشلة عديمة الكفاءة التي لا تربي أولادها ولا تنظف منزلها ولا تشبع أفراد أسرتها طعاما ولا تدر دخلا على بيتها، ثم تتهم جاراتها بأنهن يكتبن لها سحرا يجعلها غير محبوبة عن أفراد أسرتها.

لا أتصور أن تهريب الأسلحة إلى الجماعة الحوثية عبر المناطق التي يسيطر عليها الجيش الوطني، أمر لا تدركه مخابرات دول التحالف العربي، والأدهى من هذا ما تردد أن أسلحة ثقيلة ومتوسطة من تلك التي قدمها الأشقاء السعوديين عثر عليها لدى  الحوثيين في مناطق المواجهة، وهذا الأمر لا يمكن أن يكون خافيا على الأشقاء في التحالف.

    *     *     *

في ضوء الفشل المتواصل للشرعية والتحالف السياسي المهيمن على قرارها، فإنه لم يعد أمام التحالف العربي الكثير من الخيارات، للخروج من هذا المأزق والسير باتجاه الوصول إلى أهداف عاصفة الحزم وإعادة الأمل، خصوصا بعد اتساع دائرة من يضمرون الشر لدول التحالف بين أدعياء أنصار الشرعية بوصول المئات إلى الرياض ممن حاربوا في صفوف الحوثيين ووقفوا سياسيا ضد الشرعية وضد التحالف العربي في السرِّ والعلن.

لم يعد من المجدي الرهان على تحالف الشرعية الذي أثبت فشله في أكثر التحديات بديهية وهو خيار إسقاط الانقلاب ومواجهته،  فمع الاحتفاظ بدعم شرعية الرئيس هادي كرمز للشرعية فإن البدائل التي يمكن الرهان عليها يجب أن لا تشمل تلك القوى التي تورطت تاريخيا في مفاسد النظام السابق وجرائمه، وإذا كان الشعب الجنوبي قد أثبت أهليته لمواجهة الانقلاب وإلحاق الهزيمة بأساطينة مرتين، في العام 2015م والعام 2019م فإن الأولى للتحالف العربي أن يتعامل مع الشعب الجنوبي كشريك حقيقي وفاعل وصادق ووفي في مواجهة الانقلاب، ولا شك أن في الشمال بدائل قادرة على إسقاط الانقلاب غير تلك القوى التي أكلت منها الشيخوخة والفشل السياسيين مأكلهما، لكن تلك البدائل لم يبحث عنها أحد ولم يفكر التحالف في البحث عنها بعد أن تورط في الاعتماد على تحالف الشرعية الهش، الذي لا يختلف عن الجماعة الحوثية إلا بالتدليس والنفاق .

أزمة الشرعية تتشعب، بعد أن دخلت في مواجهة مباشرة مع المنظمة الدولية ورفضت التعامل مع مبعوثها الأقوى والأوفر حظاً في دعم القوى المؤثرة على صناعة القرار الدولي، بينما ينال التحالف العربي نصيبه من هذه الأزمة من خلال فشل قوات الشرعية في إحراز أي تقدم في أي من الملفات الجادة والساخنة في حين يتربص بهذا التحالف الكثيرون ومنهم بعض أركان هذه الشرعية الذين لن يتورعوا عن القيام بدور الشهود ضد التحالف إذا ما تكالب عليه الفاعلون الدوليون بأي تهمة من التهم التي يروجها أعداء التحالف وما أكثرهم.

والله ولي الهداية والتوفيق