د. عيدروس النقيب يكتب:
هل صحيح أن الجنوب هو من يدير الدولة اليمنية؟
كنا ثلاثة زملاء من البرلمانيين، أنا والزميل (ك) والزميل (ق) (الأحرف ليس لها بالضرورة أية علاقة بالأسماء) التقينا بعد افتراق دام قرابة 8 سنوات بسبب النزوح الإجباري.
قال لي الزميل (ك) بعد التحية والسؤال المتبادل عن الأحول معاتبا: ما الذي جرى؟ أين ذهبت جهودنا في الثورة الشبابية السلمية والاتفاق على ضرورة إسقاط نظام عفاش والعمل المشترك على توسيع دائرة الحوار الوطني؟ ما الذي تغير لتذهب باتجاه الانفصال والمواجهة مع الوحدة اليمنية بدولتها المدنية؟
وللأمانة فإن الصديق (ك) كان من الداعمين الأساسيين للثورة الشبابية السلمية، ولست في وارد إمكانية المقارنة بين مستوى حضورنا (الإثنين) في ميادين الثورة السلمية والحراك السلمي، لكن للأمانة فقد ساهم بطريقته في دعم الثورة السلمية في الشمال والتصدي لنظام علي عبد الله صالح.
قلت له وأين هي الثورة الشبابية السلمية؟ ألم تتحول إلى صفقة أشبه بالصفقة التجارية بين القوى السياسية وجرى تحييد قوى الثورة الحقيقية ونسيان الشهداء والجرحى حتى دون الاعتذار لهم؟ وها نحن نستقبل القتلة ونمنحهم المناصب والألقاب والمواقع التسلطية في سلطة الشرعية؟ وأين هي الوحدة التي نتحدث عنها؟ ألم يتعرض الجنوب لغزو ثاني في (2015م) مع بقاء آثار ونتائج الغزو الأول (1994م) التدميرية محفورةً على وجه الأرض وترابها وصخورها وفي نفوس ووجدانات المواطنين الجنوبيين؟ وجاء الغزو في ظل صمت كل أدعياء الوحدة الذين كانوا يتفرجون على قتل أطفال ونساء ومسني عدن ولحج والضالع ومكيراس وبيحان وأبين وكأنها تقع في دولة شقيقة في أحسن الأحوال؟ وأين هي الدولة المدنية وقد صار دعاة الحكم السلالي هم من يتحكمون في اتجاه سير البوصلة في اليمن وقد أخرسوا الجميع وستغدون الشريك الفاعل في شكل الدولة اليمنية (المفترضة)؟
كان الزميل (ق) من المعروفين بخطابهم الصريح وعدم المهادنة، فاستأذن منا متداخلاً: أنا أسألكم لماذا نحن الشماليين متمسكون بالوحدة في حين يرفضها إخوتنا الجنوبيون؟
قلت له: هذا سؤال يستحق التوقف والمناقشة الجادة، وأنتظر الرد من زميلنا (ك).
التفت الزميل (ك) إلى ساعته، ورد ناهضاً: يبدو أننا بحاجة إلى جلسة أطول وأوسع لمواصلة الحوار، فلدي ارتباط وسيكون لنا تواصل لاحق.
غادر زميلنا منصرفاً دون أن نستكمل مناقشة السؤال.