محمد بالفخر يكتب:
عدن بعد الامطار
ساعات قليلة تعرضت أجواء عدن وما حولها لمنخفض جوي وإذا بأمطار منهمرة اغرقت المدينة وراح ضحيتها البسطاء وما أكثرهم وكشفت عن اكذوبة كبيرة كان المواطنون يعيشونها عن تلك المشاريع الموسمية التلفزيونية التي أخذت حينها حيزا كبيرا من التناول في وسائل الاعلام وانخدع بأخبارها الغائبون عن المشهد برمته،
هذه المدينة التي وصفت بأنها ثغر اليمن الباسم وتغزل بها الشعراء وعاشت في جنباتها بسلام اعراق مختلفة من البشر فقد حباها الله موقعا تتمناه الكثير من شعوب المعمورة هذه الجوهرة المشعة التي وصفها الكاتب (بلال فضل) يوما ما في أولى كتاباته في مطلع التسعينيات بأنها جوهرة بيد فحّام وقطعا الفحّام لا يعرف قيمة هذه الجوهرة الثمينة فثقافته لا تخرج عن إطار سوق الفحم حتى وان تدثر بأجود انواع الملابس من أفخم دور الأزياء العالمية،
خرج المستعمر البريطاني من عدن وهي في حقيقة الأمر كانت أجمل مدينة في الجزيرة العربية ولكن مشاريع البنية التحتية عملت لما يتناسب وذلك الوقت ولفترة بقاء المستعمر لكنها وكما يقول المثل كثر خيرها ان بعضها بقي صامدا بعد مرور أكثر من نصف قرن منذ تأسيسها ولم تتأثر بصراعات الرفاق المسلحة وانشغالهم بترهيب وتركيع الناس لم تجعلهم يلتفتون للتحديث والبناء حتى لا تتعارض مع ثقافة التقشف والبساطة للجماهير الكادحة المنتظرة اكتساح النظرية في كافة انحاء العالم حتى تفاجأوا بسقوط جدار برلين ولهذا فضلوا الهروب الى صنعاء بعد ان شاهدوا النهاية المأساوية للرفيق تشاوشيسكو في رومانيا والرفيق نجيب الله في كابل وانتهز الفرصة علي صالح وبعد ان استتب له الأمر كاملا في 1994 فمكّن منها جلاوزته ومتنفذيه فاستثمروها لهم ولم يرى الشعب الا مشاريعا من النوع السفري ترافق الاحتفالات الموسمية والمصاحبة للحفلات الانتخابية ولهذا كانت نتيجة اضرار الامطار طبيعية جدا لما حصل،
عانت عدن مرة أخرى بعد ان وصلت اليها مليشيات كهوف مران مدعومة وبتواطؤ من الوية الحرس الجمهوري والأمن المركزي حاملة في خباياها الفكر السلالي الطائفي والمدعّم بالمشروع الصفوي الإيراني فأرادت استهداف عدن وتاريخها ومدنيتها وشرعيتها وكونها تحمل مسمى العاصمة المؤقتة للجمهورية اليمنية،
فكانت عاصفة الحزم التي أطلقها خادم الحرمين الشريفين دعما لشرعية اليمن واسقاطا للمخطط الفارسي الإيراني الذي يستهدف الأمة العربية قاطبة ولهذا كان تحالفا عربيا فتحررت عدن وخاصة بعد ان بذل شبابها وانصارهم من كل مكان الدماء والارواح في الميادين وسطرت المقاومة الشعبية وبدعم واسناد من التحالف ملحمة النصر المبين،
وتنفس المواطنون في عدن وفي كل اليمن الصعداء وتعلقت آمالهم بالمشروع العربي الكبير الذي سيجعل منها مدينة توازي دبي وجده ومسقط وخاصة ان العاصفة رافقها برنامج إعادة الامل،
لكن المفاجأة ونأمل ان تكون الأخيرة ان من سيطر على عدن هي مليشيات مسلحة لا تحمل مشروع دولة بل تحمل طابعا قرويا مناطقيا عبثت بما تبقى من مسحة جمال مازالت عالقة بوجه عدن الجميل ولهذا زادت معاناتها ولكن لم تتبخر احلامها ومازال للأمل بقية.
وحتى تتحقق الآمال ويعود لعدن ألقها وتألقها
فلابد من التالي
أولا: عودة رئيس الجمهورية الى العاصمة المؤقتة عدن وكافة افراد الحكومة ووزرائها ومسؤوليها وعائلاتهم حتى يعطى انطباع جيد للمواطنين اننا جميعا ضمن السفينة والحفاظ عليها مسؤولية الجميع
ثانيا: تمكين الحكومة من إدارة كافة المناطق المحررة
ثالثا: البدء بمشروع إعادة الاعمار التي تكفلت به دول التحالف وعلى راسها المملكة العربية السعودية
رابعا: تدشين مشروع الدولة الاتحادية في المناطق المحررة وتمكين كل إقليم من إدارة اقليمه وفق ما تم الاتفاق عليه في مؤتمر الحوار الوطني.
وقبل هذا وذاك الناس في عدن بل وغيرها من المناطق المحررة بحاجة لإغاثة حقيقية وعاجلة لتجاوز آثار الحرب والسيول من خلال مشاريع تنموية وبناء يعيد للناس شيء من أمل يواجهون به صعوبة المرحلة وتحدياتها.