رئيس التحرير يكتب:
عدن.. القصة من البداية
عاد التيار الكهربائي، وعادت معه خدمة الانترنت، وإذا برسائل من أصدقاء، تقول لي "يا لوماه يا أبوعوذل، آخرتها تستعينون بطارق عفاش.. عشان يدير لكم عدن..؟
لم أعر الأمر أي اهتمام، لأن النغمة هذه "معروفة"، من زمان، من قبل فئة سلمت صنعاء للحوثيين وفرت باتجاه الجنوب، ولكن بعد أن شتموا أمهاتنا بالعبارة الشهيرة "..... أنا جنوبي أحسن منهم".
لكن الطريف في الأمر أن البعض اجتهد وقال "إن تصعيد المجلس الانتقالي الجنوبي، جاء رداً على تصريحات وزير القنفزة أحمد الميسري، الذي هدد فيه السعودية واتهمها باحتلال محافظة المهرة، لكن العميقين ذاتهم، قالوا إن السعودية، التي قام المجلس الانتقالي الجنوبي بردة فعل عشانها، رفضت تحركات المجلس الانتقالي الجنوبي"؛ فسر الحديث براحتك.
بالنسبة لموضوع "طارق عفاش"، فخلاف هذه الأطراف معه أنه لم يذهب باتجاه الرياض للإقامة في الجناح المجاور لعلي محسن الأحمر وذهب صوب الحديدة، فهذا الأمر أغضب شرعية الفنادق، وكانت ردة فعل شرعية الفنادق أنها ذهبت للتوقيع على اتفاق السويد ومنح ميناء الحديدة للحوثيين "هدية مجانية نكاية بطارق عفاش"، وبشعار أن يمنح الميناء للحوثي على أنه يسيطر عليه طارق عفاش.. وأقسم أن طارق لو زار الرياض لاختفت هذه النغمة وإلى الأبد.
ولكن فليعذرني الأصدقاء الأعزاء على الإطالة في هذه المقالة، ولكن سوف أحاول بقدر الاستطاعة الاختصار وشرح وجهة نظري، وتقديم قراءة لما يحصل في الجنوب منذ مارس 2016م.
قد يستغرب البعض ويقول لماذا قلت مارس 2016م، لأن الخلاف والصراع بدأ منذ أن بدأت معركة تأمين الجنوب من العناصر الإرهابية، والتي لم يرق للبعض أن يتم تأمين عدن ولحج وأبين، وزاد الخلاف تحرير ساحل حضرموت، ويمكن العودة إلى تصريحات محافظ حضرموت السابق أحمد بن بريك لمعرفة ما دار في دهاليز الرئاسة اليمنية بالرياض قبيل العملية العسكرية لتحرير وادي حضرموت.
في أواخر 2016م، اجتمع مسؤولون من التحالف العربي ومعهم مسؤولون أمريكيون لمناقشة الوضع الأمني في المناطق المحررة، والتي انتشرت فيها التنظيمات الإرهابية، وخرج الاجتماع بتكثيف جهود الحرب ضد الإرهاب وإسناد المهمة الأمنية والإشراف على العمليات وإدارتها إلى اللواء عيدروس الزبيدي باعتباره محافظ عدن حينها ورئيس اللجنة الأمنية وله باع طويل في محاربة الحوثيين، ويمتلك خبرة عسكرية طويلة ونزعة جنوبية.
لم يرق الأمر "للجماعة المقيمين في الرياض وأنقرة والدوحة"، وعملوا على إفشال المهمة الأمنية، وطبعا الجميع يتذكر العمليات الجوية التي نفذت ضد التنظيمات في أبين ورداع وشبوة.
الجنوبيون قاتلوا دفاعًا عن وطنهم وحلمهم، قدموا تضحيات كبيرة، انطلاقاً من أن هذا وطنهم وهذا هو الرهان على مستقبله.
وطبعا الجماعة مولت حملات سياسية وحقوقية وإعلامية ضد قيادة السلطة المحلية في العاصمة عدن، تارة بالفساد وأخرى بالمناطقية، كان رد الزبيدي على تلك الحملات تأكيده بأنهم وجدوا من أجل قضية الجنوب، وقد أعلن الزبيدي حينها عن البدء في تأسيس كيان سياسي للدفاع عن القضية الجنوبية من كل الجنوب.
وفي يناير 2017م، كتب قرار إقالة عيدروس الزبيدي من منصبه كمحافظ عدن، ولكن أجل حتى صدر في 27 أبريل ذكرى إعلان عفاش وحلفائه الحرب على الجنوب في العام 1994م، لهدف تقديم رسالة سياسية، كانت واضحة، وقد تم الدفع بالشيخ عبدالعزيز المفلحي، معتقدين أن ذلك قد يحدث صداما جنوبيا، ولكن أبناء الجنوب حينها أدركوا ما كان يحاك ضدهم، ونجحوا في تفويت الفرصة، استجابة لدعوة القائد عيدروس الزبيدي الذي أكد أن المنصب ليس كل شيء، وأنه سوف يواصل نضاله من أجل تحقيق تطلعات الجنوبيين.
في الرابع من مايو من نفس العام، خرج الجنوبيون من كل مكان لتفويض الزبيدي لقيادة المرحلة الانتقالية للجنوب، تلى ذلك إعلان المادة الأولى من إعلان عدن التاريخي بتأسيس المجلس الانتقالي الجنوبي.
وطبعا الكثير يعرف ردة الفعل القوية من مختلف الأطراف "شرعية وحوثية واخونجية وانقلابية وقطرية وتركية وإيرانية"، الكل اتحد على رفض أن يكون للجنوب ممثل شرعي.
منذ 11 مايو 2017م، أجلت الكثير من الأطراف المحلية والإقليمية حربها ضد الحوثيين، ورمت بكل ثقلها السياسي والإعلامي "لإفشال المجلس الانتقالي الجنوبي"، وكانت الحكومة الشرعية بقيادة أحمد بن دغر تبيع الوهم لهذه الأطراف "بأن المجلس الانتقالي تم احتواؤه، وأصبح من الماضي"، مولت قطر وبعض الأطراف الإقليمية بالملايين لهزيمة المجلس الانتقالي الجنوبي، ونشرت العديد من المزاعم، ولأن الكذب حبله قصير، فكل التقارير والمزاعم التي كانت تنشر ويروج لها عن عدن، سرعان ما تنفضح.
الضخ المالي سقط على إثر من كان يرى أن المجلس الانتقالي الجنوبي كان حلما وتحقق، ولكنه للأسف الشديد مع سقوطه لم يستطع أن يسوق المبررات لسقوطه، فكل ما بنشر إطار سيارة في عدن، خرج هؤلاء الساقطون للقول "ما هذا الجنوب الذي نريد".
أكيد تتذكرون "نغمة ما هذا الجنوب الذي نريد"، لأنهم لا يريدون الجنوب، فهم يريدون المال فقط، ولو كان في ذلك تنازل عن الكرامة.
ولأنهم يحبون المال قدموا أنفسهم سلعا رخيصة لبعض الأطراف الإقليمية المعادية للجنوب والتي لا يمكن في يوم من الأيام أن تكون مع الجنوب أو مع قضيته، فانظروا إلى مواقفهم قبيل ردة الفعل المناهضة للمجلس الانتقالي الجنوبي.
لكن مناهضتهم للمجلس جعلت الشعب يلتف حوله، وفشلت كل مساعيهم الرامية إفشال المجلس.
فذهبوا إلى تشكيل تكتلات سياسية منها تحالف الأحزاب السياسية والائتلافات التي وضعت في أهدافها مواجهة الجنوب وحل قواته التي تقاتل الحوثيين في الضالع.
التطورات الأخيرة التي جاءت بإعلان في البداية من رئيس تحرير صحيفة الجيش، جاءت رداً على دعم التحالف العربي تشكيلات عسكرية لدعم جبهة الضالع التي أحبطت مشاريعهم بعد أن شعروا بسعادة والحوثي يتجه صوب الضالع لاقتحامها واحتلالها.
جعلوا الحوثي آخر رهانهم "على فرض دولة الأقاليم التي يريدون فرضها في الجنوب، في حين أن الشمال سيظل موحدا تتشارك في حكمه جميع الأطراف الشمالية".. منطلقين من شعار "دقوا الضالع ويافع".
طبعا المساعي التي بذلها وزير القنفزة مؤخرا لتفجير الوضع في عدن ليس دفاعا عن شرعية الرئيس هادي، وليست إحباطاً لمحاولة انقلاب مزعومة، ولكنها في الأساس دفاع عن مشاريع علي محسن الأحمر، وإحباط لعملية تأمين وادي حضرموت، فلا يهم هذه الأطراف أي شيء إلا الدفاع عن "الأحمر" ومشاريعه.
فالانتقالي الجنوبي يحشد بدعم التحالف العربي لمعركة شمال الضالع، فالانتقالي يترفع في الرد على شخوص من المفترض أن يكونوا رجال دولة، وليس أدوات بيد أطراف محلية وإقليمية تحركهم لتنفيذ أجندتهم.
الإرهاب يضرب وادي حضرموت منذ سنوات، وسط صمت مطبق من قبل هؤلاء الذين كما أسلفت كان من المفترض يكونوا رجال دولة، ولكنهم تحولوا إلى أدوات بيد أطراف إقليمية لابتزاز التحالف العربي، تارة بالحديث عن احتلال السعودية للمهرة وأخرى بالخوف على السيادة الوطنية التي يعرضونها لمن يدفع أكثر، فلو كانوا يخافون على السيادة اليمنية لما ابتزوا السعودية بالتحالف مع تركيا التي يحتفلون بها وبمشاريعها التي لم ير الشعب منها أي شيء باستثناء مواد إغاثية منتهية الصلاحية أتلفت قبل خروجها من ميناء عدن.
هددوا بالتصعيد ضد السعودية في المهرة، مقابل أن تخرج بموقف مناهض للمجلس الانتقالي الجنوبي، ومع ذلك لم يحصلوا على أي موقف رسمي من السعودية التي تخوض حربا أكبر من مشاريعهم الصغيرة.
وفي الأخير أبشر شعبنا أن هناك رجالاً أوفياء في مختلف الوحدات العسكرية في عدن، ولا يمكن أن ينجروا وراء دعوات الفتنة التي يروج لها من باعوا أنفسهم بثمن بخس، وللأمانة المهنية تلقيت العديد من الاتصالات والرسائل التي من قصر معاشيق من جنود ألوية الحماية الرئاسية والتي طالب البعض من الجنود أن أبلغ قيادة المجلس بالخروج بتصريح يطمئنهم لأنهم يخشون أن يجدوا أنفسهم في مواجهة مسلحة مع إخوانهم، ولكن أبلغتهم أنه لا أي شيء مما يتم الترويج له وأن القيادة مشغولة بالحرب في شمال الضالع وتعد لاستكمال تحرير بقية المناطق المحتلة ومنها مكيراس.
فهؤلاء الذين يدعون أن هناك من يسعى للانقلاب عليهم، هل يمتلكون الشجاعة ويجلسون للحوار مع القوى الجنوبية ومنها المجلس الانتقالي ويعرفون ما هو الخلاف، فالمجلس يناضل من أجل دولة جنوبية للجميع فيها تحفظ الكرامة للكثير ممن تعرضوا للإهانة ومنهم من ينتظر مصير الإهانة على غرار ما حصل لوزير الخارجية خالد اليماني الذي كرم بسيل من الشتائم قبيل أن يقدم استقالته معتقدا أن ذلك فيه انتصار لكرامته التي أضاعها حين نصب نفسه حريصا على الوحدة اليمنية وخصما للمجلس الانتقالي الجنوبي، وتطرف في معاداته للجنوب، ووصف الحوثيين بأخوته وأعار رئيس الوزراء الإسرائيلي "المايك" في اللقاء الشهير.
المجلس الانتقالي الجنوبي ليس عدواً لأحد، وهو أكبر من أن يرد على بعض الأقلام الرخيصة التي جندت نفسها للنيل من الجنوب وقضيته، لكنها فشلت في ذلك، فشلت في مقارعة إعلام المجلس بإمكانياته المتواضعة مع إعلام يتلقى الملايين شهريا، ومع ذلك لم يستطع هؤلاء مواجهة الانتقالي كرجال فحاولوا أن يواجهوا الإعلام بأسماء إناث، ولكن نؤكد أن لا خوف على الجنوب وخصومه "يتسترون بملابس وأسماء النساء".
والله من وراء القصد