عبدالله بن بجاد العتيبي يكتب:

إخوان اليمن وميليشيا الحوثي

التحركات التي يقوم بها «الحوثي» مؤخراً تجاه السعودية تشير بوضوح لتسليح وتدريب إيراني لهذه الميليشيات كإحدى الأذرع التي تحركها إيران لمواجهة العقوبات الأميركية والاستمرار في استهداف السعودية ودول الخليج، ولكن «الحوثي» يتوجه تحديداً للسعودية بالصواريخ الباليستية والطائرات المسيرة ومن آخر تلك العمليات «الحوثية» ضرب خط النفط السعودية في منطقة الدوادمي وضرب مطار «أبها».

لم يقف «تحالف دعم الشرعية» مكتوف اليدين، فكان استهداف أولئك المدربين الأجانب الذين شاركوا في استهداف المطار، كما تم استهداف مواقع تخزين وتصنيع الأسلحة في صنعاء وغيرها من المناطق الخاضعة لسيطرة الميليشيا الإيرانية داخل اليمن، وبسبب هذا كله فثمة أسئلة يجب أن تطرح وأن تخضع للمراجعة وإعادة التفكير وصولاً لفهم أدق للكثير من المعطيات الواقعية في واحدة من أهم أزمات المنطقة.

أحد هذه الأسئلة هو قدرات الجيش اليمني الوطني التابع للشرعية، إلى أي مدى تطورت، وما هو الاختلاف في تأثير مواجهتها لميليشيا «الحوثي» في السنوات الماضية، وهو هي في تصاعد أم تراجع؟ بمعنى كيف لجيش يحظى بدعم لا محدود من تحالف دعم الشرعية أن يكون بطيئاً في تطوير نفسه وقدراته وبالتالي أثره؟ في مقابل ميليشيا محاصرة تطوّر تأثيرها وبالذات في الفترة الأخيرة.

وسؤال آخر بالغ الأهمية، وهو ما هو دور جماعة الإخوان المسلمين المنضوية ولو شكلياً تحت مظلة الشرعية؟ ومعلوم أن هذه الجماعة لديها تنظيمات مسلحة وإيديولوجيا صارمة وهي أشبه ما تكون بميليشيا «الحوثي» ولكنها بلا أي أثرٍ في الحرب القائمة في اليمن.

يمكن رصد هذا التخاذل «الإخواني» حين تتم مقارنته بمراحل وأزمات سابقة، على مستوى الخطاب والحماس والتحريض وعلى مستوى المشاركة والفاعلية، وأوضح الأمثلة هو ما كان يعرف بالجهاد الأفغاني في الثمانينيات حيث شارك رموز «إخوان» اليمن في الحشد والتأييد لتلك الحرب وعلى رأسهم عبد المجيد الزنداني، وفي المشاركة الفعلية لعناصر الجماعة وتلاميذها، ومثال آخر هو دور الجماعة فيما عرف بحرب الوحدة 1994 حيث شاركت الجماعة والتنظيمات التابعة لها تنظيراً وإفتاءً وخطباً وكذلك تخطيطاً وقتالاً فعلياً بقيادات عسكرية وجنود ومقاتلين مما كان له أثر واضح في نتيجة تلك الحرب الأهلية.

المقارنة بدور الجماعة في «تحالف دعم الشرعية» من حيث الخطاب هو دور لا يكاد يُذكر، فليس لهم مواقف صارمة ولا خطب رنانة ولا بيانات حاسمة ولا فتاوى ولا حماس ولا تأثير، والأمر أكثر وضوحاً على مستوى المشاركة الفعلية على الأرض، فلا قادة ولا مقاتلين ولا أي أثر، فهل كل هذا مجرد مصادفة أم ضعف كاسح أم أنه انتظار وترقب للحظة معينة تعتقد الجماعة أنه سيكون لها دور في مستقبل اليمن وبالتالي تستبقي قوتها لتلك المرحلة؟

إضافة لهذا كله فإن الجماعة تمثل النموذج السُني الباحث عن «الخلافة» التي هي نفسها «ولاية الفقيه» في النموذج الشيعي، فميليشيا «الحوثي» وجماعة «الإخوان» وجهان لعملةٍ واحدةٍ، الأيديولوجيا نفسها والخطاب ذاته والغاية، والهدف هي السلطة والطريقة توظيف الدين لخدمة السياسة، مع اختلاف التنظير والتأصيل بما يتناسب مع قواعد كل مذهب.

أحسب أن إثارة مثل هذه الأسئلة مهمة جداً في هذه المرحلة من عمر الصراع في اليمن، والأمور التي دعت لاستمالة الجماعة هناك بدأ يظهر فيها خلل جدير بإعادة النظر ومراجعة المواقف، وحين يوضع هذا كله في مواقف جماعة «الإخوان» الأم ونكرانها للجميل وغدرها بدول الخليج العربي مراراً وتكراراً عبر تاريخها الطويل، فإن الصورة تكون أكثر وضوحاً والخطر محدقاً.

أخيراً، الأسئلة مفتاح للتفكير، ومنبه للمخاطر، والعدو الكاشح لا يتحول حليفاً وخصوصاً تلك العداوة المبنية على الإيديولوجيا ومعها المصالح.

نُشر في الاتحاد الإماراتية