عباس البخاتي يكتب لـ(اليوم الثامن):
الفرات في دائرة الضوء
أثار لقاء أجرته قناة الفرات الفضائية مع احد المحللين، جدلاً واسعاً أخذ مساحته في مواقع التواصل الإجتماعي.
تباينت ردود الافعال حول هذا اللقاء بين مؤيدٍ ومنتقدٍ لا على ما تفوه به الضيف من طروحات بل دار اللغط حول استضافة الضيف نفسه.
من المعلوم إن من عوامل تعدد الواجهات الإعلامية هو إ
نعكاس للتعددية السياسية التي شهدها العراق بعد التغيير، ومن الطبيعي أن تبادر المسميات السياسية لتأسيس ماكنة إعلامية تروج من خلالها لمتبنياتها الفكرية والثقافية والسياسية وتخاطب الرأي العام من خلالها بعد أن أصبحت حرية الرأي والكلمة والتعددية والإنفتاح في كل مجال متاحاً للجميع.
المتابع لإداء الفرات يلمس بوضوح تبنيها لمشروع التأسيس لثقافة الدولة وفي نفس الوقت تتبنى سياسة الإعتراض على أداءات السلطة، وهذا يعد برايء كثير من المتابعين تقيداً بالطرح السياسي للمرجعية السياسية والفكرية الداعمة لتلك القناة.
ما حصل من جدل يؤكد فاعلية الرسالة الإعلامية التي تتبناها الفرات، فمنذ أشهر والدعاية المضادة تؤكد تبعيتها للمشروع السعودي ووقوفها بالضد من محور "المقاومة"، وهذا ما أثبتت الوقائع عدم صحته، وقد كان لإسلوب محاكاة الإعلام المتطور دوراً في تعزيز تلك القناعة لدى البعض، بل تم تاكيد ذلك من قبل شخصيات مؤثرة جداً في الوسط الشيعي.
لقد ظن الكثيرون أن الفرات خسرت الكثير من جمهورها بعد بعد إتساع رقعة الإتهام التي لم يسلم منها حتى العاملين فيها، حيث تعرض الكثير منهم الى حملات من التشويه والإساءة والطعن، إلا أن ما حدث مؤخراً يثبت إن اكثر جمهور تلك الفضائية هم من أتباع بقية المسميات السياسية، الامر الذي يؤكد أن منهجها الإعلامي يلامس مشاعر المتابعين ويسلط الضوء على ما لا يجرؤ المتصدي التحدث به فضلاً عن تبنيها لمختلف القضايا التي تهم العقيدة والحياة ومشاكل المجتمع.
لا يبدو من خلال شراسة الهجمة التسقيطية التي تعرضت لها القناة، أن سبب المشكلة هو نوعية الضيف أو متبنياته، بقدر تزامنها مع توجه كتلة الحكمة لممارسة العمل السياسي الأمر الذي يفسر من بعض الفرقاء على إنه أستهدافا لمشروع المقاومة الذي يمثله محور الفتح في الساحة العراقية، إذ ما أُخِذَ بنظر الإعتبار أن الحكومة هي نتاج الإتفاق بين هذا المحور وسائرون التي ترى في هكذا نوع من الضيوف مصدر إزعاج خصوصاً وأن ضيف الفرات الأخيرمعروف بتبعيته للمدرسة الصدرية قبل أن يعلن إنشقاقه عنها وهي مدرسة لا تتحمل النقد من خصومها السياسيين فضلاً عمن تربى في أحضانها! وعلى هذا يمكن للصدريين الإعتراض على ذلك بإعتباره إستهدافاً لمشروعهم "الإصلاحي" وشعاراته التي مكنتهم من الحصول على غالبية المقاعد النيابية.
كثير من الفضائيات العراقية استضافت أشخاصاً هم أشد لهجة ونقمةً على الواقع السياسي الجديد من ضيف الفرات، لكن مر ذلك دون أن تثار ضجة حوله ضجة في الإعلام، ثم إن كانت للضيف رؤاه الخاصة فيما يخص الشأن السياسي او الوضع الإقليمي أو موقفه من ولاية الفقيه أو تبنيه لرؤية عقائدية فهذا شأنه الخاص وهو يتحمل المسؤولية عنه ولا يمكن للفرات ان تملي عليه او على غيره معتقداً خاصاً، كل ما في الأمر أنه كان ضيفاً بعنوانه محللاً سياسياً ولاهو بتلك المكانة التي تؤهله من فرض قناعاته الخاصة على الفرات وجمهورها الذين هم أعرف من غيرهم بتحديد الموقف الوطني والشرعي كونهم الأقرب وجدانياً مصادره الأصيلة والحريصة.