محمد بالفخر يكتب:
منير في مواجهة تجّار الموت
كثيرا ما تؤتى المجتمعات من سفهائها ومن شرذمة فاسدةٍ تسيئُ لمجتمعٍ بأكمله لأن تأثيرها في الغالب كبير رغم قلتها فهي تنخر في مقومات المجتمع وبنيانه فتسقطه الى الهاوية كما تفعل الفئران الضعيفة والأقل عددا بمباني وسدود عامرة فنجاح هذه القلّة الفاسدة يعتمد على صمت المجتمع وعقلائه عليهم وعلى تستر بعض الأسر على فواحش بعض أبنائها وتأتي الطامّة الكبرى على تراخي او تواطئ بعض منسوبي الأجهزة الأمنية والقضائية والإدارية وهي المناطة بحماية المجتمعات من شرور الأشرار وكيد الفجار كيف لا وهي المكلفة من قبل مسؤولي الدولة وتأخذ مرتباتها من ميزانية الدولة والأصل من قوت الشعب واحتياجاته.
والأدهى من ذلك ان تنبري فئة تقلب الباطل حقا والحق باطلا فتهاجم كل مصلح او كاتب او خطيب يشير الى تلك الظواهر المدمرة في المجتمع وتعتبره مفتريا وكاذبا بل وقد يلبس هو الآخر بتهمة القذف والكذب والافتراء جراء حديثه ذلك.
إذا تحدثنا عن تاريخ وسلوك الانسان الحضرمي لوجدناه ناصع البياض ولقلّما نجد ما يخدش ذلك
ولم يكن ذلك عبارة عن صفات خلقت معه بل عن تعاليم وقيم ثقافية دينية أُرضِعها وتشرّبها من صغره وجدها داخل اسرته الصغيرة ويمارسها مجتمعه الكبير الذي تعلمها وتربى عليها من علمائه ومصلحيه الذين تلقوها وفهموها من تعاليم دينهم وعقيدتهم الإسلامية السمحة.
في العقود الماضية وامتدادا لعصور التخلف والانحطاط غزت المجتمع الحضرمي كغيره من المجتمعات ظواهر من السلبيات المدمّرة والتي تفت في عضده وتساهم في تسويد صفحات تاريخه النقية الناصعة حتى كادت القيم الأصيلة أن تتلاشى وتصبح مجرد تاريخ نستذكر أيامه الخوالي، وأصبح صوت الصالحين خافتا او لا يكاد يسمع ولا يؤبه له أحد وهذا نذيرٌ بهلاك وضياع الأمم لا قدر الله ولكنها سنة كونية كما أجاب بذلك سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم عندما أجاب على سؤال ام المؤمنين السيدة عائشة رضي الله عنها وأرضاها عندما قالت ( أنهلك وفينا الصالحون ؟ قال نعم إذا كثر الخبث )
وحتى لا يكثر الخبث فيجب محاصرته مبكرا والقضاء عليه في مهده وهذه مسؤولية الجميع كل في موقعه.
في الأيام الماضية سعدت وغيري كثيرا بالحملة الرائعة التي يقودها العميد منير التميمي مدير عام أمن ساحل حضرموت للقضاء على أوكار الفساد وتحديدا مصنّعي وباعة الخمور ومروجي المخدرات تجارة الموت التي بدأت تنتشر في المجتمع الآمن وتقلق سكينته وتدمر مستقبله ولا أظنها أتت من باب الصدفة بل أتت ضمن مخطط كبير يستهدف قيم الخير والاصالة في المجتمع لصالح قوى الشر والتدمير الظاهرة والخفية.
فحملة العميد منير ينبغي ان تستمر وتسند من الجميع لتستأصل هذه الأوكار القذرة ورموز هذه التجارة النتنة وينبغي ان لا تأخذه بالساعين لإفساد المجتمع رأفة ولا يقبل فيهم واسطة أو شفاعة، كما لا ينبغي أن تتوقف عند هذا النوع من الفساد بل أن تستمر الحملة للقضاء على أي مظاهر أخرى قد تأذى منها المجتمع وما أكثرها والعميد منير قطعا على علم بها ولا يحتاج ان نغوص في تفاصيلها،
أمن حضرموت وسلامة مجتمعه مسؤولية الجميع فبتعاون الجميع نحفظ أنفسنا واهلنا واجيالنا القادمة مما يخططه لها الأعداء، والأمن هو أولى مقومات الحياة السعيدة.
وأختم بحديث المصطفى صلى الله عليه وسلم (من بات آمنا في سربه معافى في دنه عنده قوت يومه فكأنما حيزت له الدنيا بحذافيرها).