سعيد عبدالله بكران يكتب:
كيف أسس الإخوان فتن المساجد؟
أصل فتن المساجد ومنبع دخولها في طواحين الصراع السياسي على السلطة السياسية هم الإخوان الذين اخترعوا ما سموه المساجد الأهلية وفي اليمن الشمالي ثم كان قانون الأوقاف في الجنوب أول ضحاياهم عقب نصرهم في حرب 94.
وسبب هذا الاختراع يعود لعقيدة المسجد ديناً ودولة.
قانون الأوقاف يعرف المسجد على أنه منشأة تتبع الدولة وإن تبرع ببنائها مواطن، أي إذا تبرع مواطن لبناء مسجد يجب أن تتم عملية البناء تحت نظر الدولة وبتراخيصها وقانونها وعقب انتهاء البناء يصبح المسجد منشأة تتبع الدولة الحاكمة تعين له الخطيب والإمام والمؤذن وتنفق على مصاريف تشغيله وهي من تختار للمسجد الخطيب والخطاب.
تعاقبت في الجنوب سلطات وسلطنات كان أمر المساجد ورعايتها وخطبائها وأئمتها يتبعون دائرة الأوقاف، ومن أراد من الناس أن يبني مسجدا أو يوقف وقفاً فإنه يذهب لسلطة الأوقاف ويخرج الوقف وإدارته من ملك الواقف إلى ملك الأوقاف.
بهذا القانون لم تشكل المساجد أي مشكلة انقسام ديني ولا سياسي ولا فكري.
لكن الإخوان اعتبروا وما زالوا يعتبرون أي تفكير بربط المساجد بالدولة ويمكن جهة واحدة من إدارة المساجد مرفوضاً واخترعوا ما سموه نظام المساجد الأهلية!
ومعنى المساجد الأهلية هو أن كل من يملك مالاً، فرداً كان أو جمعية، يستطيع به بناء مسجد يصبح من حقه أن يشتري لمسجده خطيباً وإماماً ومؤذناً ومدرسة تحفيظ قرآن ولوازم أخرى.
أما خطاب الخطيب في المسجد الأهلي فعلي حسب مذهب وفكر وجماعة صاحب المال الذي بنى المسجد.
فيما يتحول دور الدولة ودائرة أوقافها إلى دور المتفرج الذي تقتصر وظيفته على منح بعض التراخيص الروتينية لغرض تسهيل ربط الخدمات أو لهدف منح بعض الإعفاءات لمواد البناء لصاحب المسجد ومالكه..
بهذا النظام الأهلي أصبح لكل جماعة وجمعية وحزب إسلامي مساجد خاصة بها بل أصبح للافراد والتجار مساجد يشتري كل طرف لمسجدة خطيباً وخطاباً يناسبه أو يناسب الجماعة ويخدم الأهداف الفئوية..
وهذا هو الخطر الأعظم على المساجد وأئمتها وخطبائها بل والخاطر الأعظم على مرتاديها.
اليوم هذا الكلام الذي يدعو لحماية المساجد وأئمة المساجد وخطبائها من مخاطر عدم الاحتماء تحت مظلة واحدة سيلعنه الإخوان المسلمون بكل انواعهم واتجاهاتهم، وسيهاجمون صاحبه وسيدافعون عن حرية وحق كل جماعة وحزب وتيار وشخص وجمعية في اقتناء مسجد مع لوازمه من خطيب ومادة للخطبة ومؤذن ومدرسة تحفيظ بكامل تجهيزاتها.
ولا مشكلة عندهم إن أصبح لكل مسجد مرجعيته الفكرية والسياسية والحزبية والمالية والتنظيمية بل يعتبرون هذا هو الصواب وما عداه هو حكم الطاغوت الذي يريد الاستيلاء على المساجد لصالح السلطة!
أما عندما تتفجر نزاعات المرجعيات المسجدية ذات الولاءات المختلفة والتمويلات المتنوعة المصادر، بسبب تشكل خلاف سياسي بين مصادر التمويل، فيصبح كل مسجد يخطب مؤيداً لصاحبه ومال خطيبه وخطابه ولاعناً صاحب المسجد المقابل ولوازمه، فإن ذلك النزاع سببه مؤامرة كبرى على الإسلام والمسلمين يرتكبون أعظم الخطيئات ويزرعون بذور الفشل ويوفرون للكوارث ما يلزمها، وعندما تحدث الهزائم والمصائب يقولون.. والله ما نحن إلا ضحايا مؤامرة قذرة من اليهود والنصارى والمجوس... و... و... الخ!