مصطفى النعمان يكتب:
معاناة اليمنيين تحت فساد الشرعية واستبداد الانقلابيين
الحوثيون لا يبدون أي مسؤولية أخلاقية تجاه المواطنين القابعين تحت قبضتهم.. و(الشرعية) تظهر استهتاراً بمصير الناس عدا بيانات تملأ صفحات الفيسبوك والمواقع الإلكترونية.
(الشرعية) المهاجرة منشغلة بالأوضاع في السودان والصومال وموزمبيق لكنها لا تنسى أن تبشر الناس بمشاريع وهمية وخطط كاذبة، وهي لا تخجل من الالتزام بأناقة وزرائها وربطات أعناقهم، لتزيد من حقد الناس عليها ويأسهم من قدرتها على أي فعل إيجابي محترم.
(الشرعية) في المهجر تقضي وقتها في البحث عن تاجر قات جديد، والبحث عن موطئ قدم لأعضاء مجلس النواب والحكومة في ال 85٪ المحررة! أما هم المواطنين في الداخل والخارج لا يشغل بالها إلا عبر تبادل رسائل الواتساب ومنشورات الفيسبوك مع صور تظهر بهجتهم وهم في حضرة هذا المسؤول الأجنبي أو ذاك!
أما الحوثيون فمشغولون بحشو أدمغة أطفال في سن مبكرة بنظريات وقصص، تفرض مفهوماً أحادياً للحياة، وتؤسس قسراً لخلق أجيال بتفكير يصب في مصلحة جماعة لا وطن فيه مذاهب وأفكار ورؤى مختلفة.
ويعيدون تفعيل قانون الخدمة العسكرية الإلزامية ليحشدوا أطفالاُ إلى جحيم معركة تعيدهم مشوهين في أفضل الأحوال!
الحوثيون وأتباعهم يتوهمون أنهم بالقوة والمعسكرات على نمط الأنظمة الشيوعية سيتمكنون من خلق جيل مبرمج وأنهم سيحكمون اليمن إلى الأبد.. عليهم قراءة تاريخ من كانوا أذكى وأحذق.
كما يمارس الحوثيون بإتقان ومهارة سياسة (الأخ الأكبر The Big Brother) لچورچ أورويل في رواية (1984)، وتحدث فيها عن السيد القائد المبجل العلم الفرد المقدس، الذي يمجده الناس ليل نهار وترتفع صوره في كل مكان ويجبر الناس على سماع خطاباته ليلا ونهارا غصبا عبر مكبرات الصوت الموزعة في كل مكان.
كما ينشغل أتباع الحوثيين في الداخل والخارج بإصدار صكوك الخيانة والعمالة لمن ينتقد تصرفاتهم العجيبة.. ويحجبون الوطنية على من لا يسير معهم في سياساتهم ولا يتقبل أفعالهم التي لم يشهدها اليمن حتى في عهود الأئمة!
وطبعا المتعصب دوماً ما يتهم خصومه بالطائفية والمذهبية والعمالة والخيانة، وينزه جماعته وسيدها وقائدها!
وسبق وانتقدت هادي حد القسوة لأنه حاكم بشر، فهل يقبل عبدالملك الحوثي أن نحاسبه وننتقده على كلامه وتعليماته وتعاليمه وما نتج عنها من كوارث؟ هل هو بشر مثلنا يخطئ ويصيب؟
"السيد" يؤمن أن السلاح وحده طريق النجاة، والحفاظ على الحكم.
"السيد" يشعل حربا داخلية بخطوط مذهبية طائفية، بشعار الدفاع عن الوطن متوهما أنه الأكثر وطنية!
"السيد" لا يهتم بالموت والفقر والأمراض والتعليم، بل يعنيه البقاء حاكماً علماً قائداً فوق النقد والمساءلة.
وما بين يمنيي الداخل والخارج بونٌ شاسع في التطلعات والآمال.
يمنيو الداخل لم تعد السياسة تشغل نهارهم وليلهم، فقد انشغلوا بالبحث عن لقمة تخفف من جوعهم ودعاء بأن يمر ليلهم صامتاً إلا من أصوات معدة خاوية.
أما يمنيو الخارج فيقضي أغلبهم الوقت منتظراً ظهور هلال السلام ليعودوا إلى قراهم وبيوتهم وأهلهم وأصحابهم.
فقد قضوا سنوات خمس هي الأقسى في تاريخ اليمنيين منذ انهيار سد مأرب.
ختاماً.. على الناس أن تفلت من حصار هذين الجسدين الفاسدين وتبحث لها عن مسارات بعيدة عنهما!