كرم نعمة يكتب:
الحظ أسهل الإجابات المتاحة
البريطانيون يتحدثون كثيرا عن الحظ لكن لا أحد منهم يؤمن به أكثر من مما يتوجب عليه العمل، أنت لا تنتظر الحظ كي يشتري لك منزلا، صحيح أنك تعتقد بالحظ عندما تصل الحافلة في وقتها من دون أن تهدر وقتا في الانتظار، لكنك لا تحاسب سائقها على التأخير، وعندما تقتني بطاقة اليانصيب فأنك تفعل شيئا من أجل أن تستجلب الحظ ولا تنتظره.
يجب أن نتذكر أيضا أن الناس يحققون غالبا نجاحا من خلال المجازفة أو أن يكونوا مخالفين للآخرين. بيد أننا لا نتوقف عن إطلاق نفس السؤال التاريخي، هل نعيش حقا في مثل هذا الكون العشوائي بشكل معقول؟ وننتهي دائما عند الحظ، لأنه أسهل الإجابات المتاحة في لحظ العجز!
لنا أن نتخيّل النساء العربيات وهن يندبن حظهن بشكل دائم “التونسيات يقلن زهري في معادل مقامر للحظ” يصبح كل شيء لديهن مرتبط بالحظ، من الزوج الخامل إلى الغيرة من الأخريات وحتى عندما يعطل صنبور ماء المطبخ فالأمر مرتبط بالحظ!
بينما الرسالة المعتادة للنساء لا تنظرن إلى الأسفل، وفكرة الحظ دائما تكون واطئة لا يمكن أن ننتظرها كي ترفعنا إلى الأعلى، الأمر يشبه نصيحة رئيسة وزراء اسكتلندا نيكولا ستورجيون إلى فتيات بلدها “إذا كنت جيدة بما يكفي وعملت بجد بما فيه الكفاية، فإن السماء هي حدودك”.
قصة الانتصار التي تليها خيبة الأمل لا تقتصر على الحظ، صحيح أن الحظ الجيد مع المهارة يغلب الحظ السيء مع المهارة في أي وقت. هذا لا يعني أن المهارة والتفكير السليم والثقة بالنفس لا تهم، لكن قد تفسر العشوائية الفرق بين النصر والفشل. وفق المحلل الاقتصادي تيم هارفورد الذي يعرض علينا ثلاثة تفسيرات مرتبطة بفكرة الحظ في مقال له بصحيفة فايننشيال تايمز، يبدأها بالغريزة في إلقاء اللوم على الفرد. وهذا احتمال يمكن فيه للأشخاص الناجحين أن يصبحوا شديدي الثقة بأنفسهم، أو معزولين عن ردود الفعل، أو كسولين.
التفسير الثاني هو الاحتمال البديل بأن العالم تغير. أما آخر ما يقترحه علينا هارفورد فهو نتيجة تفضي إلى أن الأفكار الجيدة لا تعمل إلى الأبد لأن المنافسة تشتعل.
في النهاية من السهل التقليل من مقدار الفرصة المؤثرة من حولنا، وهذا يعني تقلب الأحكام دون سبب واضح. لكن لمجرد التفكير الهادئ المتسق مع الذات والتخلص من مساحة الوهن والضعف في النفس، نكتشف أن الحظ كان قد وجد في مراحل متأخرة من تفكيرنا، وحقيقة الأمر أنه لا يلعب بمصائرنا كما كان ولازال الإنسان يعتقد بذلك.