د. علوي عمر بن فريد يكتب ل(اليوم الثامن):
أَسمَعُ جَعجَعةً ولا أرى طَحناً
يُضرب هذا المثل ، لِمن يُكثِرُ الكلامَ ويُعلي صَوتَهُ مِن غَيرِ قُدرَةٍ على شئ !!
هذا المثل ينطبق على إيران وأمريكا حيث كثر ضجيج التصريحات المتبادلة هذه الأيام عبر وسائل الإعلام العالمية بعد التهديدات الإيرانية لحرية الملاحة في مضيق هرمز.
وكانت بريطانيا قد دخلت طرفا في الأزمة بعد أن قامت باحتجاز ناقلة النفط الإيرانية (غريس 1) بتاريخ 11/7/2019م في مضيق جبل طارق وكرد فعل قام الحرس الثوري الإيراني باحتجاز ناقلة النفط البريطانية ( ستينا أمبيرو) في مضيق هرمز ثم اقتيادها إلى ميناء ندر عباس ّ!!ّ
*ترامب وإيران :
*حسنا فعل ترامب بعدم إسقاط طائرة إيرانية كان على متنها 150 عسكريا إيرانيا كرد فعل على إسقاط طائرة استطلاع أمريكية .
* الاستراتيجيات لا يصنع على شاشة التلفزة بل إلى محددات دقيقة للمصالح والحسابات والمكاسب .
*ترامب رجل أعمال وصاحب شركات ورجل صفقات وفي كل أزمة يفتعلها يحسب الربح والخسارة وقد يصل أحيانا إلى حافة الهاوية ثم يتراجع ويبتز الدول من خلال صناعة الأزمات والحروب .
*إيران مطمئنة وتصعد التصريحات والجعجعة وهي مطمئنة أن أمريكا لن تدخل في حرب معها وهي مقبلة على دورة انتخابات رئاسية في تشرين الثاني عام 2020م وحتى بلوغ ذلك التاريخ ستمضي إيران بلعبة الاستفزاز المدروس، ومصداقا لما نقول فقد جاء في جريدة الشرق الأوسط في 25/6/2019م :
سيستمر ترمب بلعبة العقوبات وإنهاك إيران اقتصادياً، وكل من الطرفين عينه على الانتخابات الرئاسية الأميركية المقبلة. لكنها لعبة خطرة، وتاريخ التردد الأميركي حيال الحروب لا يعني أن أميركا لا تقْدم بعد تردد... فمثلاً تردد الرئيس فرنكلين روزفلت بشأن المشاركة في الحرب العالمية، وأعلن الحياد في بدايتها، لكن خطأ اليابانيين في استهداف ميناء بيرل هاربور جعله يعلن الحرب على اليابان وينهي الحرب العالمية الثانية لمصلحة العالم الحر. أما جون كيندي فناور كثيراً خلال أزمة الصواريخ السوفياتية في كوبا متنقلاً بين خيارات اجتياح كوبا، والمواجهة العسكرية، وربما النووية، مع الاتحاد السوفياتي، قبل أن يصل إلى تسوية مع الكرملين أنهت الأزمة.
إيران سجلت نقاطاً معنوية خلال الأسبوع الماضي، لكن صرفها متعثر خارج الجلوس إلى الطاولة مع واشنطن. سلوك النظام الإيراني يقول إنه لا يستطيع الإقدام على هذه الخطوة، وبالتالي سنشهد مزيداً من التوتر، وربما مزيداً من احتمالات الانزلاق نحو حرب لا يريدها أحد.
وخلاصة القول :
- إيران تدرك أن أمريكا تمارس معها أسلوب الضغط النفسي وتدفعها لإطلاق الرصاصة الأولى لتوجيه ضربة لمنشئاتها النووية والصواريخ البالستية وليس الحرب بمفهومها الواسع وهذا لن يحدث
- تعاني إيران من انهيار عملتها المحلية بسبب الحصار ومنع بيع النفط الإيراني .
- سيكون الوضع بالغ الخطورة في حال ضربات جوية أمريكية محدودة فالخليج العربي بالكامل سيكون في مرمى الصواريخ الإيرانية .
- النفوذ الإيراني تغلغل بالعراق وسوريا ولبنان واليمن منذ سنوات ولاشك سيوقع ضررا بالغا لحلفاء واشنطن ومصالحها في المنطقة .
- هدف ترامب ليس الدخول في حرب بل هدفه التخويف.
- وختاما نتمنى أن لا تندلع حرب جديدة لأنها لن تحمل سوى الدمار والخراب وستمثل انتكاسة لمنطقة الخليج لعدة عقود ونسأل الله أن لا تقع هذه الحرب وتظل في إطار : ( أسمع جعجعة ولا أرى طحنا ) .
د. علوي عمر بن فريد