معادلة الحكم العصري: تفاعل الحاكم مع هموم شعبه ضرورة

إذا كانت هناك أخطاء وخطايا، فإنه من الحكمة والذكاء والواجب الأخلاقي والالتزام السياسي أن يقود الحاكم الكشف عن هذه الأمور.

إذا كان هناك احتجاج مشروع للناس فليكن أول المحتجين على هذه الأوضاع. 

وإذا كانت هناك تظاهرة ضد مخالفات حقيقية فيجب أن يتقدم المتظاهرين. 

وإذا كان هناك غضب شعبي له ما يبرره عند الناس فليكن أول الغاضبين. 

إذا شعر الناس أن حاكمهم يئن ويتألم، ويغضب، ويتفاعل ويعاني مثلهم، وضعوه تاجاً على رؤوسهم. 

وإذا شعر الناس أن حاكمهم بعيد عن الواقع، رافض للحقيقة، يرفض الاعتراف بوجود أخطاء ومخالفات، ويعادي من يكشف عن النقاط السوداء في البلاد، فإنهم يرفضونه ولا يتعاطفون معه، ويسهل عليهم الدعوة إلى رحيله. 

الذين فهموا هذه «المعادلة السياسية» استمر حكمهم وحظوا بمحبة ورضاء شعوبهم.

كان أبرع من يفهم ذلك الملك حسين بن طلال ملك الأردن، رحمه الله.

كان يضع في خطاب التكليف الصادر من الديوان الملكي لرئيس الحكومة الجديد كل أحلام وتطلعات رجل الشارع الأردني، وحينما تفشل الحكومة كان يضع -أيضاً- في خطاب إعفاء الحكومة كل أسباب الفشل، ولا يخجل من إظهار خيبات الأمل في الفشل الحكومي.

كان الملك حسين لا يعتبر أن فشل الحكومة هو فشل شخصي له، لكنه -من وجهة نظره- فشل لمجموعة إداريين لم يصلوا إلى مستوى تطلعاته وتطلعات شعبه.

كان الملك حسين يرى أن دور الحكومة هو أن يتم تحميلها بإخفاقات ومصاعب وهموم البلاد والعباد.

ومن أكثر من يدرك هذه المعادلة هو الملك محمد السادس ملك المغرب.

قال الملك محمد السادس في خطاب العرش الأخير منذ أيام «إنه غير راضٍ عن المشروع التنموي، وأكد شكواه من عدم شعور بعض المواطنين بأي آثار لمشروعات الدولة.

وطالب الملك بضخ دماء جديدة من الشباب لتحقيق تطلعات الشعب.

وطالب الملك محمد السادس بعمل لجنة خاصة لمتابعة هذا الأمر، وإجراء التعديلات والهيكلة اللازمة لتحقيق تطلعاته وتطلعات الشعب.

ومنذ أن تولى الملك محمد السادس الحكم 23 يوليو 1999 خلفاً لوالده محمد الخامس وهو يعتمد نهجاً عصرياً وانفتاحيا للغاية.

وهو لا توجد لديه أي حساسيات في 3 أمور:

1- انتقاد أي أداء حكومي مهما كان مصدره.

2- التعاون في حكم البلاد مع أي تيار من تيارات المعارضة، حتى لو كان تيار الإسلام السياسي حتى لو تولى مسؤولية الحكومة؛ لأنه يعتبر أن نجاح هذا التيار أو أي تيار آخر هو محسوب للملك، وإن أخفق فهو ضد هذا التيار.

3- السعي لتحرير الاقتصاد والإجراءات والقوانين واللوائح من البيروقراطية المعطلة.

وهموم المغرب ليست هموماً قليلة أو محدودة، لكنها إشكاليات في الداخل والخارج داخل الوطن ومع الجيران وعلى الحدود.

يبلغ تعداد سكان المغرب قرابة 34٫5 مليون نسمة يعيشون على مساحة مترامية تبلغ 710٫850 كم مربع يحكمهم نظام ملكي دستوري تعود جذوره إلى الأسرة العلوية الهاشمية.

الدرس التاريخي باختصار: لا تنكر الخطأ إذا كان صحيحاً، لا تعادِ من يطالب بحق أصيل، دافع عن حقوق الناس وكن أول الغاضبين والمحتجين إذا كان الأمر يدعو للاحتجاج والغضب.